الشاعر الكردي: دلدار
أيُّها الرقيبُ إنَّ الكوردَ باقون
على مدى الزمان، هذي اللغة باقية
هذه الأمّةُ ماضية
لن تقهرَ .. لن تزول
لن يذهبَ الأثر
مهما جارتْ مدافع القدر
إنَّ الكورد باقون
بنو سلاحِ الثورات
أبناء الأحمرِ القاني
يا حارس السّجنِ
أيها الماضون
كي خسرو 1 والميديون 2 أجدادنا
فافتحوا أعينكم جيداً
بالدّمِ مخضّبٌ تاريخنا
شبابَ الكورد هبّوا كالسباع
كي يَسمُو بالدمِّ الزكي تاجُ الحياة
دينُهم إيمانهم عشق البلاد
روحهم قربان الوطن
روحهم روح المفادي
لا تقل إن الكورد هالكون
إنَّ الكورد باقون
كرايةِ خفاقة إلى العلياء
إلى الأبدِ ماضون
*
هوامش:
– كي خُسرو من أعظم ملوك الميديين وأكثرهم عبقرية.
– الميدييون النواة الأساسية للشعب الكردي بحسب روايات تاريخية.
– الشاعر الكردي دلدار: اسمه الكامل يونس ملا رؤوف محمود بن ملا سعدي، عُرف باسمه الأدبي دلدار (العاشق)، شاعر كردي تقدمي ومؤلف نشيد جمهورية مهاباد في شمال غرب إيران وحالياً نشيد كردستان العراق، من مواليد مدينة كويسنجق محافظة أربيل عام 1918، حصل على الثانوية العامة في مدينة كركوك ومن ثم نال الإجازة في الحقوق في جامعة بغداد، عاصر الشاعر الكبير فائق بيكه س والد الشاعر الراحل شيركوه بيكه س، توفي في ريعان شبابه عام 1948، ودفن في مسقط رأسه بمدينة أربيل.
الشاعر الكردي : دلدار
يا ابنةَ نوروز .. أيا وردتي الحمراء
كل الأماكن قد بهتتْ، وكمْ بهتِّ
أي مخلب قطفك من الحياة
حياتنا التي كانت بك خضراء
لأجل شمة واحدة رموكِ على الطريق
وقبل أن تصير بتلاتك مورّدة
تنوح عليكِ حوريات الصباح في كل الحواري
وعند غصنك الفلاح
ترتجف الفراشات بألوانها الحمراء والصفراء
تلعن تلك اليد الآثمة صباح مساء
يا وردتي الحمراء
أنا مثلك كان لي قلب نابض حد السماء
طافح بالأماني رَغِيب الرغبات
لم يك يشكو سوى الظمأ لرشفة لغيمة الحب
لعلها تصير ماء
لكنه هيهات
لم يعد هذا القلب في مكانه كما كان
لم يكن ذلك بفعل الهواء
بل كان هوى بنت حلوة جنان
اقتلعته وداستْ عليه خارج البستان
يا وردتي الحمراء
وعاد هذا القلب إلى بستانه البور جريحاً وباكياً
هزيلاً وأصفر
ومقهوراً جدا
انطفأت في عينه وميض الآمال
والآن رغم ذلك
ورغم كل ما حصل
يا وردتي الحمراء
يا مظلومة مقتولة الأمل
ضعي قلبي المهموم لمرة واحدة
ضعيه كوسادة عائدة
هدية تؤنس وحدتك وتكسر في الحب القاعدة
للشاعر الهندي : ساحر لدهيانوي
غداً تخضرُّ البراعم
غداً تبتسم الأزهارُ
تملأ الدنيا مياسم
غداً .. العشب الجميل
العشب الندي
سينتشر على الأرض الطرية
وأقدامٌ ناعمة تتبخترُ بحريّة
لم يأتوا أبداً ويضايقوني
كيف لي بمضايقتهم
علامَ أقضي لحظات في نهاراتهم ولياليهم
***
أنا شاعرٌ لثانية أو ثانيتين
أنا شاعرٌ لثوانٍ
قصتي في لحظات تنتهي
وضحكتي ثوانٍ
شبابي ينتهي في لحظات
كمْ من الشعراء جاءوا قبلي
وكم سيرحلون من بعدي
ثمة منهم قضاها حزيناً وتنهّد طويلاً
وبعضهم مضى وغنى سعيداً
كانوا هنا للحظة وغادروا مثلي بلحظة
أنا حصتكم في هذا اليوم
وغداً إني لمفارقكم
***
غداً أغانٍ جديدة تأتي وتقتطف
ويأتي رواة أفضل مني ومثلي
وجمهور مستمع أفضل منكم ومني
ودادي في الأيام المقبلة
أن يأتي أحدهم ويذكرني
ولكن لمَ العالم المشغول
يضيعُ وقته بالعرض والطول
لأجلي
أنا شاعر الثانية والثواني
* ساحر لدهيانوي: شاعر هندي من مواليد البنجاب عام 1921، أصدر عدة دواوين بالأردو منها الظلال، والمرارة، بالإضافة إلى كتابته كلمات الأغاني لعدة أفلام في السينما الهندية حققت نجاحات باهرة، توفي في بومباي عام 1980.
القصيدة بدءاً من المقطع الثاني أصبحت من أشهر أغاني السينما الهندية، حيث غناها المطرب الراحل موكيش ولحّنها الموسيقار الراحل خيام في فيلم كابي كابي عام 1976 من إخراج ياش تشوبرا.
للشاعر الباكستاني: ساغر صديقي
أشعلي ظلمتي
كما أوقد سبحانه الجبلَ
إنّني طور 1
وإنّكِ أنتِ أنتِ النورُ
فابعدي عن وجهكِ النقاب
وبدّدي كل هذه الظلماء
إنني أكمه 2
وإنكِ اليد البيضاء
لن تمضي تلك العتمة
إن لم تكوني حولي وهج الضياء!
أريد أن أتفرج وحدي على هذه الظلمة السوداء
ابحثي معي عن ذلك النجم المكسور 3
على عرش السماء
لماذا لماذا لا ينير كل هذه الظلماء!
كأنكِ الصبحُ الكاذبُ بخيوطه الحمراء
تحسبه ضياء وما هو إلا ظلماء بظلماء
كأنكِ في أحاديث الحيارى، انتشاء
أبداً لستِ نوراً
إنما مَن بدّد هذا السواد هو سحر الانتشاء!
أخبري حور العين في الفردوس،
أن الظلام جداً كثيف
ونحنُ عطشى لنورٍ منهم حتى ولو خفيف
هنا حور العين طيفهم
طيفهم جداً طفيف!
1- جبل طور المذكور في القرآن الكريم والذي فسرّه بعض العلماء أنه الجبل الذي تجلى فيه وجه سبحانه وتعالى أمام سيدنا موسى عليه السلام .
2- اليد البيضاء إشارة إلى يد سيدنا عيسى عليه السلام، التي كانت تشفي الأكمه، الذي لم يرَ النور في حياته .
3- النجم المكسور، ربما المقصود هنا حين تهوي كل النجوم وتصبح السماء كلها سوداء كما ورد في القرآن الكريم "والنجم إذا هوى" .
4- وُلِدَ ساغر صديقي: أو محمد أختار (صديقي) في مدينة أنبالا الهندية عام ،1928 الابن الوحيد لعائلة فقيرة، تلقى تعليمه على يد الأديب حبيب حسن، كتب الشعر في سن مبكرة واتخذ اسماً مستعاراً ناصر حجازي، ثم استقر على اسم ساغر صديقي، انتقل إلى لاهور عام ،1947 وحقق نجاحاً منقطع النظير حتى امتدحه الشاعر المعروف جيكر مراد آبادي، عمل في مجلات عدة، كما أصدر مجلة تم إغلاقها بعد صدور العدد الثالث منها لأسباب مادية، بدأت أحلام الشاب تتلاشى تدريجياً، عانى شظف العيش كثيراً حتى اضطر إلى بيع قصائده إلى شعراء آخرين مقابل مبالغ زهيدة، واشتهرت تلك القصائد في الإذاعات المحلية بأسماء شعراء آخرين .
بدأ فترة انعزاله عن المحيط الاجتماعي، واتخذ منظراً مهلهلاً، شعر طويل ولحية طويلة وثياب ممزقة وجسد نحيل جداً، متسكعاً في شوارع لاهور، أسواق أنكارلي والطريق الدائري وطرقات دربار تعرف آثار خطواته جيداً، كان يستجدي من الناس كفايته من المال فقط وحين كان يبيع كلمات أغانيه إلى الأفلام السينمائية، يوزع المال الفائض عن احتياجات مأكله ومسكنه على الفقراء، إيماناً منه بأن هؤلاء الناس أحق بها .
بدأ في أيامه الأخيرة يعاني السعال المزمن، حيث كان يبصق دماً، كما أن بصره ضعف جداً، ولم يكن يملك المال لارتداء نظارة، فكان يتكئ على عصا، عُثر عليه ميتاً بجانب الطريق في شوارع لاهور عام 1974 ودُفن في مقبرة مياني صاحب .
لم يتزوج ساغر وترك وراءه كلبه الذي مات بعد عام من رحيل ساغر في الشارع نفسه الذي رحل فيه الشاعر .
يعتبر شعره من روائع الأدب الأوردي، يعبر به عن نفس نقية طاهرة وحساسة جداً، أعلن فيها خلود الروح، وفناء الخزانة الترابية .
للشاعر الهندي: ساحر لدهيانوي
وأحياناً وأحياناً
تزور نفسي فكرة
بكلّ لحظةٍ مرّة
بأن العالمَ كله يمر بخصلةِ شعرك
وأن هذه الدنيا تحتَ ظلالكِ حلوة
ظلامٌ ناسكٌ حولي ووحدكِ عندكِ الدنيا
بنظرةِ عينك نوري
بنظرة عينكِ أنتِ
غريباً لم يكن يوماً هواكِ حزني الأزلي
وأن جمالكِ يرعى بذور الآهِ في نفسي/
فيا مياسةَ القد ويا قتّالة العينِ
أنا في التيه تفصيل يضيع في تفاصيلك
أنا في التيه عنوان
وأحياناً وأحياناً
تزور نفسي فكرة
بكلّ لحظةٍ مرّة
حياتي تجري هكذا
بهذا الدرب أمضي هكذا
ودربي ضياؤه أعشى
فلا هدف يؤطرني
أغاني الحزن تحضنني
ويبقى طريقي أبداً
ضياعاً كلي تعبُ
ظلالُ الآه تحملني
فلا حي/ ولا ميت
حياتي أصبحت عتمة
كمصباحِ بلا زيت
فلا نورٌ ولا قمرٌ
مرادي أن أضيع بهذا الخلاء
أضيع بكل كل إرادتي
وكلّي كلي علمُ
بأنكِ أنتِ وحدك بهذي الفلاة . .
/ منارٌ يبدد العتمة
وأحياناً وأحياناً
تزور نفسي فكرة بكلّ لحظةٍ مرّة
* القصيدة بدءاً من المقطع الثاني أصبحت من أشهر أغاني السينما الهندية، حيث غناها المطرب الراحل "موكيش" ولحّنها الموسيقار الراحل "خيام" في فيلم "كابي كابي" عام 1976 من إخراج "ياش تشوبرا" .
للشاعر الهندي سوكومار راي
- مرحباً بابورام!
وأنت هناك
ما الذي تحمله وما هذا الفك الفتّاك
ثعبان!
وكيف للمرء الائتمان من شره وتجنب فكّه الجوعان!
- إن أردت واحداً
ابتعد عن الذي يلدغ والذي يصدر صوت
الفحيح!
وأيضاً أيضاً
لا تقترب من الذي يلف جسده
حول خصر مخلوق ضعيف
وتجاوز من له صوت غدر
وذلك الذي له جلد خشن
وناب حاد
وظهر كبير ومؤخرة الكسالى!
وعن آداب الطعام
اقترب من تلك الثعابين الرائعة
التي ترضى بوجبة من الرز مع الحليب!
هل عرفت ذاك النوع من الثعابين يا صاح!
- آه بابورام!
اسمح لي أن أكون للثعبان بمالك
الآن باستطاعتي سحق رأسه فوراً
إذا اقتضى الأمر ذلك!
* ولد سوكومار راي في 30 أكتوبر/تشرين الأول عام ،1887 وكان الابن الثاني للفنان والكاتب المعروف أبندرا كاشور راي، ترعرع في بيئة تهتم بالأدب والفن من طبقة البراهمة، جمعته صداقة مع الشاعر الهندي طاغور .
* تخرج سوكومار مع مرتبة الشرف في الفيزياء والكيمياء في كلية الرئاسة في عام 1906 . وفي عام 1911 سافر إلى إنجلترا لدراسة تكنولوجيا المعلومات، ونشر العديد من الأعمال الشعرية في مجلات عدة . كما أبدى اهتماماً نشطاً بالتصوير الفوتوغرافي، وحقق في العام التالي طاغور زيارته التاريخية إلى لندن، وعادا معاً إلى الهند في عام 1913 .
وفي عام 1911 سافر إلى إنجلترا لدراسة تكنولوجيا المعلومات، ونشر العديد من الأعمال الشعرية في عدة مجلات . كما أبدى اهتماما نشطا في التصوير الفوتوغرافي، كما حقق في العام التالي طاغور زيارته التاريخية إلى لندن وعادوا معا إلى الهند في عام 1913.
أطلق والده مجلة للأطفال بعنوان سانديش، ، والذي قاد مسيرة أدب الأطفال البنغالي. وكان سو كومار يكتب بغزارة للمجلة، ترجم قصائده إلى الإنجليزية ابنه المخرج العالمي ساتيا جيت راي.
للشاعر البريطاني : لويس كارول
قصة القصيدة: كتب لويس كارول هذه القصيدة عام 1863م، في نزهةٍ على متنِ السفينةِ اصطحبَ فيها أولاد عائلة ليدل وكانت بينهم أليس المعروفة في القصة الخيالية أليس في بلاد العجائب.
القاربُ مبحرٌ تحتَ سماءٍ مشمسة
لأفقٍ ممتدٌ وحالمٍ مبحر
يا مساءً من أمسياتِ تموز
سكنَ فيهِ ثلاثةُ أطفالٍ و من جواري اتخذوا ملاذا
***
بعيونٍ متلهفةٍ وآذانٍ مصغية
لحكايةٍ تروى يستمعون
يا شمساً طالَ شحوبُها
سنواتٍ ما زلتِ باهتة
الأصداء تخبو والذكرياتُ تموتُ
نفحاتٌ خريفيةٌ تدقُّ مضجعَ تموز
سارتْ حكمةُ الخيالِ بصحبتي وما تزال تسكنني
***
لن تنظرَ بعيونٍ صاحية "أليس(1) " ما تزالُ ترتع تحتَ سقفِ السماءاتِ
يُصغي الأطفالُ رغمَ ذلك بعيونٍ متلهفةٍ وآذانٍ مصغية
دربَ المودة قرب القريب يسكنون، في بلادِ العجائبِ سيستلقون ويحلمونْ
دواوينُ الأيّامِ تمضي وفصول الصيفِ تندثرُ وهمْ يحلمونْ
لدوامةِ النهرِ سينجرفون وفي بصيص ذهبيٍّ يبقون؛ ليستْ حياةً إنّما حلمُ
حواشي:
(1) أليس :أليس بليسانس ليدّل فتاة بريطانية كان الكاتب لويس كارول صديق عائلتها، عندما كبرتْ اتجهتْ إلى الأدب وهي نفسها بطلة قصة أليس في بلاد العجائب.
(2)القصيدة وتتألف من إحدى وعشرين سطراً باللغة الإنكليزية على عدد أحرف اسم "أليس بليسانس ليدّل" في ترجمة اسم أليس إلى العربية ظهرت في ستةَ عشر سطراً مع مراعاة الشدّة، وأول حرف من كل سطر يحمل أول حرف من اسم أليس، دواليك إلى ختام القصيدة..
تشارلز لوتيج ديدكسون اشتهر باسمه الأدبي"لويس كارول" : أديبٌ وعالم رياضيات ومصور بريطانيٌّ من مواليد27 كانون الثاني عام 1832 م، ينحدر من سلالة ايرلندية الأصل، والده كان رجل دين، عانى في صباه من مرض السعال الديكي والتلعثم قي النطق وربّما الدليل على ذلك تشبيه نفسه بطائر الدودي في قصة أليس في بلاد العجائب، برع في سرد القصص ورواية الأحجيات .
بدأ حياته الأدبية بالقصة القصيرة والشعر ونال استحساناً في المجلات والجرائد البريطانية، وكتب عام 1855 "لا أعتقد أن ما كتبته إلى الآن يستحق النشر ولكني سأحقق ذلك يوماً"، في عام 1856 نشر قصيدة رومانتكية بعنوان "عزلة" باسمه الأدبي المستعار لويس كارول تلك القصيدة كانتْ تأشيرة الولوج إلى عالم الأدب، تعرّف على عائلة هنري ليدل الفتية وعرف عندها ابنته الصغيرة أليس،في عام 1862 بدأتْ قصة أليس في بلاد العجائب تتخمر في ذهنه وبعد سيل من الرفض تم الموافقة على القصة ونشرت عام 1865، وحازت على إعجاب الملكة فكتوريا والجماهير العريضة وجنى لويس الكثير من المال..
تقول الإشاعات أن لويس كان مغرماً بأليس الطفلة التي لم تتجاوز 11 من عمرها عام 1863 والدليل أن صفحاتٍ مزّقت من دفتر يومياته تدل على تلك المرحلة والبعض يقول أن أفراد عائلته مزقتها للحفاظ على اسم العائلة المحافظة، توفي عام 1898 في بيت إخوته جراء مرض الأنفلونزا الذي تطور إلى ذات الرئة.
للشاعر الهندي : ميرزا غالب
الآلافُ من الرغبات كهذه
وكلٌّ منها تمنيت الموت فيها
الكثيرُ من الرغباتِ حققْتُها
لكنّي توّاقٌ إلى المزيدِ في هذا العمر القصير
لماذا تخشى قاتلتي؟!.
ما منْ أحدٍ سيحملها المسؤولية
على تلك الدماءِ المتدفقةِ طوالَ حياتي من عيوني
لطالما سمعنا عنْ طردِ آدمَ منَ الجنةِ
وبهوانٍ أكبرَ
سأرحل عن الشارع الذي تقيمين فيه
آهٍ أيّتها المستبدة!
شخصيتكِ ستتجلى للعيّانِ
لو خصلات شعريَّ المجعد تدلّتْ من تحت عمامتي
لكن لو رغب شخصٌ بكتابة رسالةٍ لها
ليسألني!
في الصباح ِ أغادرُ بيتي والقلمُ على أذني
في ذاكَ العمرِ شغفتني كؤوس الطلا
حتى أصبح كأس السلاف عالمي
مَنْ توقعتهُ عادلاً ونصيرَ ضعفي
بدا مثخنا بنفسِ السيفِ المخضب أكثرَ منّي
في الهوى لا فرق بين الحياةِ و الرّدى
نعيش قدماً على صورة الكافر الذي قد نموت لأجله
اضْغطْ على جرحِ القلبِ لينزلقَ السهمُ الجارح
فإذا خرجَ من قلبكِ ستخرج منْ حياتكَ بتريثِ
بإرادةِ الله
بنُيِّتْ الكعبةُ وتجلى الحق
بحق الله لا ترفع العباءة
أخشى أن تكون الكافرة من تحتها معشوقتي
الفقيه ومدخلُ الحانةِ طريقانِ مختلفانِ
رغمَّ ذلكَ رأيتهُ يدخل الحانةَ وأنا بمغادرِ
أواهٍ يا الله
ليست الآلاف من الرغبات التي ارتكبتها
هي ما أندم عليها
بل التي لم يحالفني الحظ لارتكابها
*تغنى بهذه القصيدة المطرب الهندي الكبير جاجيت سنغ، كما أطلق المخرج الهندي سودير ميشرا عام 20013 فيلماً يحمل عنوان القصيدة.
للشاعر الهندي: ميرزا غالب
مُرادي مكانٌ
أنزوي فيه مع نفسي
لا أحد غيري .. ولا أحد حولي
ما من محادثٍ لي .. ذاكَ الملاذ مبتغاي
***
مُرادي.. بناء بيتٍ
لا باب فيه للاستقبال.. أو حدود ترسمها الجدران
لا حرس حوله ولا جيران
***
في ذاكَ المكان: ما من أحدٍ يعتني بي
عندما يصيبني داءْ
وحين أغادر الحياة
ما من أحدٍ يندبُ حظه
أو يذرف دموعاً ويعاود البكاء
* * *
ميرزا غالب شاعر هندي من شعراء عصر إمبراطورية مغول الهند أثناء حكم الاستعمار البريطاني ويعد غالب آخر الشعراء العظام في حقبة مغول الهند، وواحدًا من أكثر الشعراء شعبية وتأثيرًا في اللغة الأردية. ولا يزال غالب متمتعًا بشعبية حتى الآن.
ولد في عائلة أرستقراطية و عاش شبابه في رخاء, و لكنه كافح بعد ذلك و عاش على معاش بسيط من الحكم البريطاني. و لكن في عام 1850 عين شاعر البلاط من قبل الامبراطور المغولي بهادر شاه الثاني و صار واسع الشهرة بغزلياته و قصائده في المديح. و أخذ عليه منتقدوه أنه كان يكتب بالفارسية بلغة غامضة و منمقة يصعب على الرجل العادي فهمها، يعتبر من الشعراء المتصوفين.
الشاعر الهندي : ميرزا غالب
ليس مكتوب لي وصال حبيبتي
إن طالَ عمري
سيبقى لقاؤها أمنيتي
العيشُ على أملها كذبة
ولكن لن تقتلني سعادتي
إن وثقتُ بأملي
علمتُ أنَّ وعدها هشٌ من غنجها
شخصٌ ما سألني
عن السهم المغروز في فؤاديِ
لما كنتُ شعرتُ
بكلِ هذا الألم
لو ثقبتْ قلبي
أيُّة صداقة هذه التي تكسوها النصائحَ
على أحدهم
تخفيف ألمي ومؤازرتي
تضخُ الدماءُ من كلِّ عصبٍ في جسمي
دونَ تحكمِ
أتظنُ هذا كلهُ ألمٌ
إنهُ كربٌ مثار
ما من مفرٍ من الحبَ
إنهُ تهديدٌ دائمُ
إن لم تعذّب بالهوى
هناك عذاب الحياة
لمنْ سأروي آلامَ لياليّ الحزينة
ما كنتُ مقيماً في الردى
لو جاءت لمرة
متُ وخزيتُ
وأصبحتُ كالغريقِ
لا جنازة
وما من قبرٍ منصوب
من يراني
وأنا زهدتُ بدون شريك
هو التصوف، و هذا بيانكَ يا غالب
كنتَ قديساً لو لم تكن أسير الكأسِ
للشاعر الهندي : ميرزا غالب
كل أنواعِ العقباتِ في حياتي اجتزتها
آخر عقبة أصادفُها الفناء !
*غالب ميرزا أسد الله: من كبار شعراء الأوردو في تاريخ الهند تنحدر عائلته من أصول عثمانية أرستقراطية، ولد في مدينة أكرا في الهند عام 1798 ، توفي والده وعمه وهو في عمر الصبا، تبناه أخواله وكان ذلك سبباً لاستقلاليته اقترن في الثالثة عشر ة من العمر بابنة أحد أعيان المدينة.
امتاز شعر غالب بالنضج الشعري المبكر جدا، حيث النفحات الفلسفية والصوفية، كما له باع طويل بالتاريخ والأخلاق، كتب بالأردية والفارسية ، تتميز قصائده بالصوفية والحزن الشديد وذلك لوفاة أولاده الستة بالإضافة إلى رحيل ابن أخيه عارف- الذي تبناه ميرزا وهو لا يتجاوز السادسة عشرة من العمر، غنى شعره كبار مطربين الهند كعندليبها كاندال سيجال وموكيش وسي اتش أتما، وجسد شخصيته الممثل الهندي بهارت بوشان عام 1954 في فيلم سينمائي من إخراج العملاق سوهراب مودي، كما مثل شخصيته الممثل الكبير نصير الدين شاه في فيلم تلفزيوني يحمل اسمه عام 1988.
إضافة إلى غنى شعره تمتاز رسائله بثرائها الأدبي، حيث تعد في طليعة الكتابات النثرية المتميزة باللغة الأردية ، توفي عام 1869في مدينة دلهي ..
الشاعر الأذربيجاني ميكائيل مشفق
نبضُ القلبِ قال:
الحظُ آتٍ وأيّامُ السرور
ستنشي العقولَ تهزُ الغصونْ
ترى هلْ نراها؟! . .
***
هناكَ الكثيرُ بمنتظرْ
نبضُ القلبِ قالَ
عملٌ نبيلٌ ومطرْ
كدحٌ مكللٌ بالعرقْ
ترى هل ستأتي؟! . .
***
رغباتي تصرخُ أيامنا الماضية حلوة
نبضاتُ القلبِ تقول مهلاً
الشمس تشع بنبضٍ دافئ على الأيكة
والربيعُ ضيفُ لطيف يشدو أغنية
الأيام القادمة بسحرها آتية
هل يا ترى نراها !
* ولد الشاعر الأذربيجاني ميكائيل مشفق عام 1909 في مدينة باكو عاصمة جمهورية أذربيجان، تلقى تعليمه المتوسط في المدرسة الروسيّة وتخرّج في كلية الآداب جامعة باكو عام ،1931 بدأ حياته الأدبية حين باشر مهنة التدريس، فنشر أولى قصائده عام 1926 بعنوان اليوم الأول ثم اتخذ اسمه الأدبي مشفق الذي يعني بالفارسية القلب الرقيق، ذاع صيته في قصائده الوطنية التي قاوم فيها عمليات التطهير التي قام بها ستالين في حقبة الثلاثينات، اتهمته الحكومة السوفييتية بالشاعر البرجوازي والشوفيني، ،ثم تم اعتقاله عام 1937 بتهمة الخيانة العظمى، وتم إعدامه عام 1939 في سجن بايل في باكو، يعد ميكائيل من أكثر الشعراء الأذربيجانيين شهرة، تغنّى المطربون الأتراك بقصائده، وتعتبر قصيدته غن أيها التبغ التي لحنها المطرب الأذربيجاني المعروف عزيز حاجيكوف وصاغها كأوركسترا غنائية فجمع الجسد الغربي بالروح الشرقية، أنشودة يرددها المّارة في الطرقات ويُسمع صداها في أثير معظم الإذاعات:
غن يا تبغُ غن*
لنْ تُنسى فالأذنُ تصغي
غن يا تبغُ غن
مَتّعِ الناسَ . .أطربْ جناني
هُنا سحرُ العجائبِ
هُنا وجهُ الفنونِ
هُنا سحرُ التمني
من أعماله المنشورة ديوان الرياح عام،1930 ، أصوات النهار 1932 وغيرهما من الأعمال التي نُشرت بعيد رحيله .
للشاعر الباكستاني : العلّامة د. محمد إقبال
هناكَ عوالمٌ أخرى خلفَ النجومِ تقبعْ
هناكَ حقولٌ تختبرُ روحَ الرجلِ الصلبِ
ما هيَ خالية من الحياةِ
تلكَ العوالمُ المفتوحةُ إلى السماء
المئاتُ من القوافلِ تؤدي إلى هناك
لا تتدلّه بهذا العالم المنطقي
خلفَهُ تقبع أعشاشٌ وحدائقٌ غنّاء
لو فقدتَ عشاً أنتَ مالكهُ
ماذا سيحصل لكَ؟
فقط ستجدُ أماكنَ للنحيبِ والبكاءِ
كنْ كالنسر شامخاً
اختارَ التحليقَ في العلا عملا
أمامكَ سماواتٌ أخرى لتقيسَ بها المنحدراتَ
لا تتدلّه بأيامِ وليالي هذا العالم
لديكَ وقتٌ في فضاءٍ أخرَ أيضاً !
*العلّامة الدكتور محمد إقبال : ولد عام 1877 في التاسع من تشرين الثاني في مدينة سايلكوت البنجابية هي الآن باكستان ، كتب الشعر باللغة الفارسية والأردية وله كتبٌ فسلفية و كتبٌ سياسية ، درس القانون في بريطانيا و ألمانيا ونال الدكتوراه هناك ، يعتبر من أشهر الشعراء في الهند وباكستان وإيران وأفغانستان ، وقد احتفت الحكومة الباكستانية بيوم مولده كيوم عطلة رسمي في باكستان ، لقب بألقابٍ عدة مثل( شاعر المشرقِ، الحكيم والمفكّر الباكستاني ، حكيم الأمة، شاعر الإسلام )، صنفه النقاد بأنه أكبر الشعراء الفلاسفة في الشرق الأوسط، وأكثر شعراء الأردية تجديداً ومن القلائل الذين ترجمت أشعارهم إلى لغات العالم الرئيسية، امتاز بالحكمة وبعد النظر، غنت كوكب الشرق أم كلثوم قصيدته حديث الروح للأرواح يسري الذي ترجمها محمد الأعظمي وصاغها شعريا الصاوي شعلان توفي في 21 نيسان عام 1938 في مدينة لاهور .
للشاعر الهندي: زوق
*عن القصيدة : غناها عندليب الهند الراحل كاندال لال سيجال ، والملاحظ في أخر مقطع من القصيدة ورود اسم الشاعر حيث كان العرف الدراج حينها بين شعراء الأردو وذلك بتذييل اسمهم في خاتمة القصيدة خشية من السرقة أو ضياع القصيدة.
ولدتني الحياةُ لذا جئتْ
خطفني الموتُ لذا رحلتْ
ما دخلتُ الحياة بإرادتي
وما غادرتها برغبتي
***
هناكَ
بعضُ المقامرينَ ينادونَ بسوء الحياة مثلي
مهما فعلتُ
أنا الإثباتُ
المشارُ إلى الحياةِ البائسةِ !
***
منَ الأفضلِ أن لا يتيّم المرءُ بسحرِ الأرضِ
على أيّ حال ما أنتَ بفاعل؟!
ولا شيءَ يصحبك إلى دار الفناءِ
ولا فائدة من تدخلُ الأنام
***
مَنْ باستطاعته
إنقاذَ شخص يوشكُ على تركِ العالمِ
وأنتْ..
استمر بالسير إلى آخر الرحلة
***
آهٍ زوق!
إنك تترك هذه الحديقة
و نسيمٌ يهب بلطف
ما علي التفكيرُ بهِ
يا ترى هل سأكون قادراً على طرحَ الزفرات
أم لا وقت سيسعفني حينها !
*الشاعر الهندي محمد إبراهيم من مواليد دلهي 1789 الذي اشتهر باسمه المستعار زوق، وقد اقترحه عليه معلمه الشاعر الشيخ حافظ غلام رسول والذي كان يكتب باسمه المستعار شوق، يعتبر ذوق من كبار شعراء الأوردو عاصر الشاعر الكبير غالب ميرزا وعاش في أسرة فقيرة إلى أن صار شاعر البلاط وبقي كذلك حتى وفاته في عام 1854، برزت لديه قصائد المدح للأمراء وبعض القصائد الصوفية ، فُقدتْ الكثير من قصائده عندما قام الانقلاب في القصر الذي كان يقطنه .
تُرجمت في حلب عام 2007
للشاعر الباكستاني : فيض أحمد فيض
في ليلةِ الأمسِ
ذكرياتكِ المفقودةْ
زحفتْ إلى قلبي !
***
كالربيعِ تسللتْ سراً
إلى قفاري !
***
كنسيم الصباح العليل
هبّتْ بتروٍ !
****
كشخصٍ مريضٍ شعر بتحسن
دون سبب !
تُرجمت في حلب عام 2007
للشاعر الباكستاني : فيض أحمد فيض
أنا وقلبي رحّالتان
والأمر يتكرر مرّة أخرى
حُكم علينا بالنفي سويّا
بعيداً عن الوطنِ
يا قلبي يا صديقي المسافر !
*****
ننادي في كل شارع
نجوبُ كل بلدة
ونبحث عن حلٍّ
عن رسولٍ من بلاد الحبيبة !
*****
نسأل كل غريبٍ
عن طريق العودة إلى الوطن
الناس غرباء في هذه البلاد الغريبة
نكدح من الصباح إلى المساء
ونتحدث مع الغريب
عن الإنسان فيه
******
كيف أصلك يا صديقتي
كيف
وكم مرعب ليل الوحدة
****
لو تأتي لمرة واحدة فقط
فرحاً سأرحب بالموت
إن كان هناك وقت عندها!
ولد فيض أحمد فيض في 13 شباط عام 1911 في سيالكوت في إقليم البنجاب عندما كان جزءا من الهند تحت الحكم البريطاني. حصل على ماجستير في الأدب الإنجليزي وماجستير آخر في الأدب العربي وانضم الى الحركة اليسارية وخدم في الجيش الهندي خلال الحرب العالمية، وترك الجيش برتبة عقيد عام 1947 وعند تقسيم الهند اختار العيش في باكستان حيث عمل محرراً صحافياً. وقد اتهم بالمساعدة على محاولة انقلابية وحكم عليه بالإعدام الذي لم ينفذ ولكنه قضى عدة سنوات في السجن. كما عاش فترة في المنافي في الاتحاد السوفييتي وبريطانيا ولبنان ومنح جائزة لينين للسلام عام ،1962، نفي إلى بيروت واستقر فيها حتى عام 1982 ونشر بعض أعماله في مجلة لوتس كتب عن فلسطين والقضايا العربية الراهنة، توفي في لاهور عام 1984 إبان ترشيحه لجائزة نوبل وعاد الى باكستان وعين رئيساً لمجلس الآداب الوطني. ويعد من كبار شعراء اللغة الأوردية، كما يعتبره بعض النقاد خليفة الشاعر ميرزا غالب.
للشاعر الغنائي الهندي : شيلندرا
أنا المتسكعُ
متسكعٌ أنا
كنت نجماً يحيي السماء
لو كان لي حظ في هذا الفضاء
لا بيتَ يأويني
ولا أحدَ يؤنسني
ما من حبيبةٍ لي
وما من أملٍ في الضفةِ الأخرى للقاء
محبوبتي في مدينةٍ مجهولةٍ تقبعْ
***
قويٌّ لا
محطّمٌ نعم ْ
معَ ذلكَ تراني أشدو أغنياتِ
السعادةِ والعطاءْ
روحي جريحةٌ وجسمي متعبٌ
خذ الابتسامة من عيني التي تلمعْ !
آهٍ أيها العالم!
لا حظّ لي في المال
ولم يكتب لي الهناء !
· القصيدة لحّنها الثنائي الموسيقي شانكر جيكيشان وغناها مطرب الهند الاسطوري موكيش في فيلم " المتسكع".
تُرجمت في دبي مردف عام 2012
الشاعر الغنائي الهندي : شيلندرا
حذائي ياباني
سروالي بريطاني
قبعتي حمراء روسية
لكنَّ قلبي هنديٌّ
تسكعتُ في بلدٍ واسعٍ وكبير
مشيتُ وصدري شامخٌ
أينَ يتربع هدفي
هناكَ أنا قابعٌ
الله وحدهُ يعلم !
كالجندي أمشي بهيبةٍ ووقار
***
فوق تحت
تحت فوق !
الأمواجُ تولّدُ الحياةَ
فامشِ معها
الأغبياءُ هم الذين تنحوا جانباً
غير مباليين بمصير بلدهم !
الشاطئ ينادي
امشِ فخوراً يتوقفُ زحف الموت !
هي ذي قصة الحياة
هناكَ الكثير من الأمراء والحكام
وأنا أعيشُ كأمير وقتما أريد
أجلسُ على عرشٍ فاخرٍ على هواي
حذائي ياباني
بنطالي بريطاني
قبعتي حمراء روسية
لكنَّ قلبي هندي !
· القصيدة لحّنها الثنائي الموسيقي شانكر جيكيشان وغناها مطرب الهند الاسطوري موكيش في فيلم " السيد 420".
· الشاعر الغنائي الهندي شيلندرا: ولد شانكر داس كيسرلال شيلندرا في 30 آب عام 1923 في مدينة روا لبيدي الهندية(هي الآن باكستان)، يعتبر أحد كبار الشعراء الغنائيين في الهند وتغنى بقصائده كبار المطربين والملحنين، وذلك لما تملكه قصائده من سحر، إذ تبدو كلماته وعاءً عادي الشكل إلا أنه عميق جدا، كلمات سهلة من الواقع اليومي وأفكار عميقة تصل إلى الذروة بالتألق الأدبي، توفي عام 1966.
تُرجمت في دبي مردف عام 2012
الشاعر الإنجليزي : جون كيتس
يتحدث جون كيتس في هذه القصيدة عن اليوم الجميل الذي قضاه مع حبيبته فاني بروان في أحد الأيام من عام 1819، وعند حلول الظلام وافتراقهما تبدّلت الأمور وشعر بوطأة الفراق والرحيل.
مضى النهار وكلُّ جمالٍ فيه أفل
الصوت الجميل و الشفتان الفاتنتان
النهد الناعم و اليدان الناعمتان
الأنفاسُ الدافئةُ والهمساتُ الندية
النغمةِ الغضة و العينان البراقتان
القدّ الميّاسُ و الخصر المتدلي
زالتِ الزهرةُ وكلُّ مفاتنِ براعمها
انطفأتْ بارقةُ الجمالِ من أمام عيني
اختفى من ذراعي البهاء
و تبدّد الصوتُ والدفءُ والنور
والفردوس دونَ أسباب
في مساءٍ حلّت ستائره في غيرِ موسمه
عندما كانت عطلة الغسقِ أو يوماً مقدساً لهُ
حينما بدأ ستار الحبِّ بنسجِ العبير
و ظلامٍ سميكٍ كان يخفي البهجة
لكني تلذذت طوال اليوم بقراءة كتابَ حبٍّ مقدّسٍ؛
لذا ربما سيدعني أنام
ليرى إيماني في صلاتي وصيامي
للشاعر الإنجليزي جون كيتس
لماذا ضحكتُ الليلة
ما منْ أحدٍ بمخبرِ
لا الرب
ولا الشيطانُ الرجيمُ أجاباني
ما من متنازلٍ من الجنةِ أو الجحيم بمجاوب
التفتُ إلى قلبي الآدمي
يا قلبُ
أنا وأنتَ هنا وحيدين وحزينين
قل لي : لمَ ضحكت
يا ألمي الهالك
آهٍ يا عتمة
يا عتمة
يا كلَّ أنيني السرمدي
استجوبتُ الجنةِ والجحيمِ والفؤادِ دون جدوى
لماذا ضحكتُ
وأعرف أننا لهذا الوجود مؤجرون
وصوري إليها بركاتٌ تتوزع
رموز و ورايات سعادة العالمِ تتراءى ممزقة
لو لمْ أتوقف في منتصفِ هذه الليلة
القصيدةُ والجمالُ و الشهرةُ مؤثرةٌ حقاً
ولكنَّ تأثير الموتِ أقوى
الموتُ مكافأةُ الحياةِ الكبرى
1
تمرّ ساعة الغمِّ كغيثٍ يجلب الهم
ترى الأصحاب في بعدٍ
ولا أحد يؤنسكَ
وما إن كنتَ في سعدٍ
ترى الأصحاب من حولك
كأنك لم تكن وحدك
2
في كل ليل وهذا الأصبعُ تعب
على المُوبايلِ بما شاءَ مُنجّمهُ
وكان للأمس إنْ ضاقتْ جوارحهُ
أتى بكتبٍ إذا قرأْ؛ تنوّمهُ
للشاعر الغنائي الهندي شيلندرا
ها.. والآن إلى أين المسير
أخبريني أيتها الأرض
أخبرني أيها العالم الواسع
لا أحد لنا ..
أيها العالم الكبير
لا أحد لنا
فإلى أين المسير ...
كيف أصبح العالم هكذا يجري
وكيف الخوف مع الظل يسير
أيها الناس لا أحد يثق بالأخر
وكل يسأل الأخر لماذا
والآن، إلى أين نستطيع المسير ؟!..
من وطن إلى وطن نسير
و من منزل إلى منزل نمضي
نفتح قلوبنا للناس في هذا العالم الكبير
ولكنهم يغلقون عيونهم
تحطّمت دروبنا
ولا حطب لآمالنا
لا أحد يثق بالأخر
فإلى أين نستطيع المسير ؟
هنا الكراهية في العيون تغور
والرّهاب على المحيا يدور
أي طقس سام هذا الذي يحيط بك أيها العالم
تحولت أعشاش الحب والسمر
إلى غبار وعفر
لا أحد يثق بالأخر
إلى أين نستطيع المسير ؟
كل هواء نتنفس برسم دخول
وكل حياة نحياها بضريبة كؤود
في هذا البازار الكبير
ولكن خارجه لا قيمة لكل هذا !
لا قيمة للحياة خارج هذه الحياة
والآن إلى أين المسير
أخبريني أيتها الأرض
أخبرني أيها العالم الواسع
لا أحد لنا ..
أيها العالم الكبير
لا أحد لنا
إلى أين المسير ...
القصيدة غنّاها المطرب الهندي مانا دي في فيلم " أوجالا " عام 1959 ووضع الموسيقى لها الثنائي الموسيقي شنكر جيكيشان، وأخرجه ناريش سيغال.
للشاعر الكردي خوشناف تيلو
القافلة تسيرُ والينابيع تنساب
لم تترك شيئا وراءها
سو ى النار و الدخان
وريح غجرية تؤرق العيون الناعسة
كي لا تحظى بالرقاد
تشعل تلك الذكريات
كالنار المختبئة سرّاً في الرماد
على تلك العيون الدامية
و الشفاه المتحسرة بالآهات
القافلة تسير بعجلة
إلى مدينتي البعيدة
أخبروا أمّي وقولوا لأبي
على مفترق الطريق؛ فلتنتظرني حبيبتي
سأعود حتما ...حتما سأعود
في يوم بعد كل هذه الأيام ....
للشاعر الكردي : شاهين بكر سورَكلي
نجمةٌ هوتْ
من حبل السماء وقعتْ
ولا بالآهِ نطقتْ
لا لم تصرخْ العلياء
بقيت كما هيَ
عالية وبهية
النجمة أشعّتْ
جاءت وجاءت
ثم جاءت
لكنها بعد حينٍ في العلا فُقدَتْ
عينا الطفل بحثتا
عن نجمة ضاعت
تبحث عيناه عنها
تدور وجذلى تدور
لكنها في الفلك ذابت
كما الملح في الماء يذوب
على سطح بيتٍ من الطين
بكى الطفل على فراشه سراً
دون صوتِ أنين
على النجمة التي سقطت
ونام بقلب مفعم بالحزن والحنين
لكنه قبل أن ينام
تضرّع إلى اللهِ خالق الأنام
ألا تكون النجمة في الضياع
قد عانت من الآلام والأوجاع
* شاهين بكر سورَكلي: شاعر كردي سوري من مواليد مدينة (كوباني) 1946، يعيش في أستراليا منذ عام 1968، عمل مدرّساً وصحافياً ومذيعاً كما أنتج دروساً عن أصول تعلم اللغة الكردية، وكتب مقالات كثيرة عن مواضيع مختلفة وبعدة لغات نشرها في مئات الدوريات العالمية، يتقن اللغات الكردية والعربية والإنجليزية والألمانية والتركية، وله عدة إصدارات أدبية بالكردية بما في ذلك عشرات القصص القصيرة والقصائد الشعرية، كما في مخزونه روايتان «الضياع» و«العودة». والقصيدة مترجمة بتصرف من الشاعر شخصياً، من ديوانه «ألم السنوات السبع» الصادر عام 1990.
للشاعر الكوردي : شاهين بكر سورَ كلي
يصف الشاعر في هذه القصيدة الفتاة القروية البسيطة التي لا تحظى بمستوى لائق من التعليم والمدنية اللازمة، تمتاز القصيدة بغنائية عالية ولغة جزلة.
أنا زهرةٌ ملوّنة
وحيدة
مُهمشّة دون أهمية
لا هوية لي في هذا العالم
مُهشمّة خجلى
كفتاة يتيمة
***
أنا قِبرةٌ بيضاء
تراني باكية
لا جناح لي
أرغب جداً بالحرية
ولكن السلاسل تقيدني
***
أنا غزالة بائسة
أرتشف الكثير من الأوجاع
وأعاني من وطأة القروح
ولكن ما الحل؛
فأنا مجروحة الروح
***
أنا عنقاء فوق هضاب بلادي
باسلة شجاعة
أريد أن أطير ؛
لي رغبة عارمة
لكني لا أستطيع
فالجرح غائر وعميق
***
أنا حُسن الريف وجماله
في الربيع أقصد المراعي
و قطيع الأغنام لأحلبه
مرادي أن أرتقي وأرى
لكن الجهل مستفحل
يتركني أميّة وسط الجهلة
***
أنا بلبل لا صوت له
في ربوع كردستان الجميلة
عاشقة للتحرر ولِهة
ولكن ما العمل
لي قلب مسكون بالألم ..
يعود تاريخ كتابة القصيدة لعام 1980
للشاعر الهندي آنجان
في أحد الأيام قال لي الدرويش شيئا
و اليوم سرى الإيمان بي؛
قد كان على صواب
من ليس له أحد
يرعاه الله الواحد الأحد
لا لستُ أقص عليك من فكري
إنما شيئا تؤمن به الكائنات
مدوّن في كتاب
الله أحيانا و أماتنا و ثم أحيانا
مراراً تكسرنا الحياة
ثمّ تندمل الجراح
ليحلّ في النفس السلام
من ليس له أحد
معه الله الواحد الأحد
كم مرة قلنا وما زلنا نقول
كم يعاندنا القدر !
من قميص الليل تنبثق أصابع النهار البيض
تماماً كعمامة الدرويش *
تحمل الفرح والقهر معاً
من ليس له أحد
يرعاه الله الواحد الأحد
· هنا ذكر الشاعر كلمة " دامن" وهي كلمة متداولة في الثقافة الهندية؛ والتي تعني عمامة الرجل الدرويش الذي يسير في الطرقات، فيبسطها بين راحتيه ليتبارك الناس به عند اعطائه النقود.
·
· آنجان: شاعر غنائي هندي ( 1929-1997 )؛ له المئات من الأغاني التي كتبها لصالح أفلام بوليوود وما زال يسمع أصداءها إلى الآن في شوارع مومباي والعالم، أصدر ديوانا شعريا واحدا قبل رحيله بعنوان " غجري من ضفاف الغانج "، ابنه "سمير " الشاعر الغنائي المشهور في أفلام بوليوود.
للشاعر والروائي النيجري : تشينوا أتشيبي
· كتب تشنيو هذه القصيدة في مخيم يبفارا الكاثوليكي للاجئين؛ عدما حاول سكان إقليم بيافرا الاستقلال عن نيجيريا.
لا مريم1 ولا عيسى شعرا بذلك الحنان وعاطفة الأمومة
وعلى الأم أن تنسى طفلها2
الرياح الثقيلة المحملة برائحة الإسهال تزداد حدة
من أطفال لم يبدّلوا لهم فوطهم لأيام
روائح نتنة ممزوجة بصنانِ القيح من جلودهم
وراء طابور طويل من البطون الكبيرة الفارغة3
كل الأمهات يردن الاعتناء بأطفالهن ولكن ليس هؤلاء4
رسمتْ ابتسامة صفراء 5 على وجهها
وفي عينيها تستحضر ذاكرة الأم
حممّته وبدأت تفرك يديه وقدميه
بسعفة عارية استلمتها من حزمة المعونات
ومشطت رأسه بمشط مكسور
أضفى لون الصدأ على شعره
وبكل حرص غسلت وجهه
ورفّت رموشها حين وصلت لعينيه
كي تكون حذرة أكثر
ربما كل هذه الأمور كانت تحدث معه في الماضي6
كأي عمل يومي قبل وجبة الفطور وصباح المدرسة
والآن هي تفعل له كل ذلك
تماما كما تضع الأزهار على قبر صغير!
هوامش :
· تشينوا أتشيبي روائي نيجري من أقلية الإيبو ، وهو أول روائي بارز من القارة السوداء كتب بالإنجليزية. تتناول كتاباته المخلّفات المأساوية للإمبريالية البريطانية على المجتمعات الإفريقية. حلّل أتشيبي العلاقات الأسلوبية بين الأدبين الأفريقي والإنجليزي. وقد استحوذت أعماله على اهتمامات النقد الأدبي.. له مؤلفات عديدة منها: " الأشياء تتداعى " عام 1958 ، سهم الرب (1964م)؛ ابن الشعب (1966م)؛ كثبان السافانا (1987م). أصدر أتشيبي كذلك قصصًا قصيرة وكتبًا للأطفال، كما اشتهر ناشرًا وناقدًا. وُلد أتشيبي في أوجيدي في شرقي نيجيريا عام 1930، وتلقَّى تعليمه بالكلية الحكومية في أومواهيا وبكلية إبادان الجامعية، وعمل بالإذاعة والخدمة المدنية أيضًا. وعمل مؤخرًا بالتدريس في الجامعات النيجيرية، وجامعات الولايات المتحدة الأمريكية، رحل عام 2013.
1- ربما هنا إحالة إلى العلاقة الغير متوائمة؛ كما حين حملت مريم العذراء عيسى بين ذراعيها؛ والتي أصبحت أمّاً فجأة وتجسيد لحالة المعاناة لكلا الطرفين، وأيضاً تكريس لفكرة أن أعظم العلاقات الإنسانية لا تعوض حنان الأم.
2- الأطفال الذين يموتون بالتتالي جراء الأمراض.
3- معظم أطفال المخيم يعانون من مرض الكواشيوركور ينتج عن سوء التغذية ونقص البروتين في البلدان التي تعاني المجاعات، ويؤدي إلى أعراض جلدية عديدة منها انتفاخ البطن وتورم الأقدام؛ وربما يقصد هنا الشاعر طابور البطون المنتفخة من الأطفال.
4- الأمهات يردن الاعتناء بأطفالهن ولكن هن يعلمن جيدا أن أطفالهن على وشك الموت لا محالة.
5- الابتسامة الصفراء أو اللون الأصفر استخدمها الشاعر في موضعين للدلالة على ظل الموت الذي يحيط بالمخيم، والأطفال الذين ينتظرون الموت.
6- قبل حالة الحرب.
" إذا ما متُ في يومٍ جميل
سأحتاج منكَ إغلاقَ عيني؛
لذا أمسكْ يديَّ بشكّلٍ متينِ
الشهيد الكشميري نور محي الدين "
لا.. لا أستطيع شرب جرعة من الماء
أشعر أنه أجاجٌ ممزوج بدماء الشبّان
مَن قضوا وسط هذه الجبال
***
لا لا أستطيع النظر إلى السماء
لا.. لمْ تعد زرقاء
أشعر أنها مخضبة بلون الدماء
***
لا.. لا أقدرُ الإصغاء
لنهر عَجَّاج
حينها أذكر عويل تلك الأمّ المفجوعة
بجوار جثة تنزف لابنها الوحيد
***
لا.. لا أستطيع سماع هزيم الرعد في السُّحب
كي لا يذكّرني بصوت دوي القنابل والحرب
***
أشعر أن لون الشحوب قد كسا حديقتي
وربما اكتسبَ لون الحداد
ومات فيه لون الخُضرة
لا صوت للوقواق ولا للعصافير
جداً صامتين
يبدو أنهم مثلي
أيضاً حزينين
قصيدة لشاعر كشميري مجهول ترجمتها إلى العربية، تتحدث عن معاناة شعب كشمير وما يكابدونه من حرب ؛ تم توظيف القصيدة في فيلم للصديق الكشميري المخرج ماجد امتياز في فيلم أطفال الصراع والذي عُرض العام الماضي في مهرجان الشارقة للسينما.
للشاعر البلوشي: مير كل خان نصير
صرخاتٌ .. نحيبٌ .. استغاثات
وحشدٌ أعمى يحتفلُ وينادي
هو ذا الفجرُ سبّاقُ الصباحات
وحدي أنادي وأناجي
الغسقُ ينداحُ، إنه الليل الأعمى
وميض إضرابٍ وبرقٌ أخرس
هناك في مكان ما مطر
هنا الهواء فاسد
رائحة الأجاج في الخندق
لا عبير يبشر بالزهر
أواهٍ أيها الحمقى .. أين الصباح؟
الليل يزداد جبروتاً
الإمبرياليون مازالوا أقوياء يسحقون عظام الفدائيين البسلاء
هي ذي تهبُّ مرة أخرى عاصفة من الدماء
على بنغلاديش الجميلة ذات الطبيعة الغناء
تحدثُ مرة أخرى مأساة الحسين
أنصار الإمبريالية يوقدون النار في جسد المدن والقرى
«مجيب» المفادي المُحتفى يسبح في بركة من الدماء
آه مجيب .. عبيد الاستعمار ألبسوك ثوباً مخضباً قانياً
عليه طلقات من الرصاص ترنو وسام شهادة وإخلاص
كلاب الاستعمار ارتكبوا إبادة جماعية
يا رفاق النضال
تجلّت طبائعهم أمام العيون
وحدها وحدة الصفوف مقتل الاستعمار
الثغر ثغرهم ولكن اللسان إمبريالي
عاثوا في البلاد فساداً مع أذيالهم العبيد
ملأوا جيوبهم مالاً
جمعوا العدة والعتاد
ومارسوا أبشع استبداد
لا رحمة في أفئدتهم
هم أبناء الظلام يخمدون مشاعل الحرية أينما حلّوا
آه يا «صاحبي» البنغالي مجيب
على مرأى من عيون عائلتك قتلوك
بمكرهم وغدرهم
أعلام الحرية تنكس مرة أخرى
بقوة السلاح يخمدون الثورة
مرة أخرى الأرض الذهبية تتلظى على صفيح النار
كذلك وطني بلوشستان يحترق أيضاً
على نفس المسار
يا رفاق النضال الشجعان
الحقائق تتجلى في نور السماء
لا تتخاذلوا ولا تتقاعسوا عن النضال
الطريق معبدة بالصعوبات والدروب وعرة
إنه اختبار الشجاعة والبسالة
اختبار صمود الشجعان
لن تذهب دماء مجيب سدى
تتجلى في عيني ناصر الرؤى
خفاقاً يرفرف علمكم في سماء الحرية
* هوامش:
– كتبت القصيدة في سجن ماش عام 1975 في ذكرى اغتيال رئيس الوزراء البنغالي مجيبور رحمن، وارتكاب مجزرة الصفوة في بنغلاديش.
– مجيب رئيس وزراء بنغلاديش تم اغتياله أثناء النضال في سبيل الحرية.
– استخدم الشاعر في آخر بيت من القصيدة كلمة باندو البنغالية والتي تعني الصاح المقرب بالعربية.
– عرفٌ متداول بين شعراء الأردو الكلاسيكيين بذكر اسمهم في آخر بيت من القصيدة.
– مير كل خان نصير: أحد أكبر رموز الأدب البلوشي والمجددين في الشعر البلوشي. شاعر ومؤرخ وصحافي وسياسي من بلوشستان. ولد في 14 مايو 1914 في منطقة نوشكي، وتوفي عام 1986.
تحولت قصائده إلى شعارات وأمثال شعبية. يعتبر أعظم شاعر ثوري في التاريخ الأدبي البلوشي. شارك في نضال الشعب البلوشي من أجل الاستقلال الوطني، وبسبب ذلك قبع وراء القضبان لعدة سنوات في الفترة ما بين عام 1941 وحتى 1979.