إلى وطن يتقن صناعة المقصّات جيداً
ولا يتأنّق
هل تسمع طرطقة أصابعي
وهي تقطع من ثوبك آخر خيط زائد
الذي كثيراً ما كنتُ أتسلى بسحبه ولفه على سبابتي
أمام خطب باعتكِ الحادة
كانت حفلاتكَ يا وطني شهيّة للسوّاح والغرباء
حتى معالمكَ الأثرية
أنا اللا مدعو إليها
مع أني كنت آتيك بربطة عنق فخمة
وبيدي باقة ورد
لا أعرف عدد قلاعك ولا طعم حفلاتك الشهية
أسأل السوّاح عنها
الذين يعرفون أيضا أيضا
أن الوطن فرح وأن بلادنا جميلة
أنا الجاهل عنها
مع أن بيدي باقة ورد وحذائي ملمع
وكما قلتُ لك، أرتدي لأجلك بدلة رسمية
و عند كل قصر هناك
وعند كل جدار من قلاعك التي يزورها السوّاح
رائحة عرقنا
ولكن يا وطني الحلو الحلو
لماذا تجرّنا معصوبي العينين
نحن اللا مدعوون إلى أفراحك
وبيدنا باقات الزهور
إلى سجون قلاعك
2
خذلتني كل أشجارك يا وطني
لذا وقفتُ أمام أول صيّاد
لا يصوّب بندقيته باتجاهي
بل يأخذني إلى قفص من أقفاصه
ربّما يهديه لحبيبته، وأنا أشدو لوطني
وهي تتذكّر صيّادنا
3
عيناكِ الحلوتان الدائريتان
تنسياني كل أختام المخالفات في سجلي الوطني
يدكِ التي كقطعة بسكويتٍ مدوّرة تلك التي يحبّها الأطفال
تمسك يدي كي أكتب بها
لا بيدي
يد القمر المدوّرة كيدِ معلمة مدرستي
تتدلّى كل يوم كي أمسكها
وأمسح عن سبوّرة السماء كل هذا الليل
ربما أجد طريقاً إليكِ
مع ذلك، وكل ذلك، بقيتُ فقط أدور حولكِ
حتّى أصبحت مخالفة يومية ارتكبها
4
تعرّى الحزن يا عفرين
و مرّت على جبالك الكثير من الثلوج
ولكنها ذابت
وبقي البلوط في عيوننا أخضر و حلوا
ومرّاً جدا على خيول العدو
5
نعم، أصبحتُ كطرزان
بلا جواز ولا وطن
مع فارق بسيط أني لا أملك غابتي
فقط وحش تتقاذفه أقفاص المدن
و ترشقه بالحجارة السفارات
6
الليل في قريتي خيمة عزاء كبيرة للقمر
مع كل يوم يضيء قبر
7
ما زلتُ هنا
أخطئ بكتابة شباط بدلا من فبراير
وأؤمن أنه شهر التكاثر
نعم يتكاثر الحزن القديم
كلما أخطئ بالكتابة
و أحسب نفسي غير غريب عن وطنه
8
سأغير أسماء شوارعك يا وطني
وأخلعها عنها
تماما كما أخلع قميصا ضيقا عن رقبة طفل
و أطلق أسماء الشهداء عليها
وأيضا أيضا
أستبدل العملة النقدية
بصور عليها وجوههم
ولأن عدد الشهداء أكثر من شوارعك يا وطني
فسأبدّل اسمك أيضا
9
دنّستُ الكثير الكثير من الصفحات
فقط لأنتقم منكِ
ولكن
تبقين دائما تلك الصفحة البيضاء
وأنا عبثا أحاول الانتقام
هكذا بكل ما أكتب
10
تعبنا من مشاكلك يا وطني تعبنا
أيها الطفل المشاغب
تعبنا أن نكتبَ عنك
دعنا نكتب بهذا الشكل
أن أحب فتاة مشاغبة
وأشاغب معها في شارع مشاغب
دون أن تتكلمَ ونذكر مشاكلكَ
كي أكتب لها ولو لمرة واحدة فقط
نصا مشاغبا
11
أنا خائف نعم خائف
أصابعي أصبحت سكينا
ليلة أمس، أمسكتُ الدفتر
فانفرَمَتْ كل صفحاته بين أصابعي
ولم تتوقف عيني عن الدموع
وأيضا أمسكتُ بشجرة زيتون
فتقطّعتْ
مسحتُ على رأس طفل يتيم
فامتلأت أصابعي بالدماء
حتى في مطبخي
لم أعد أحتاج إلى سكين
أنا خائف
وخائف عليكِ أيضا
أن أكتب نصاً عنكِ فأنحركِ بأصابعي
9-2-2018
وهذا المساء أيضاً
تطفئ ضوء غرفتكَ
كي تراقب الظلال من تحت عتبة الباب
آه كم يحب الموتى هذا الممر الطويل
وأنت مع كل هذه العتمة
تضحك ولا تلمع سوى أسنانك الكبيرة
كهيكل عظمي
2
سأقول لكِ الحياة حلوة
هكذا كما تريدين أنتِ
الحياة حلوة كخاتم حلو استعصى بالإصبع ويأبى الخروج
كصَدفة لا مهمة لها
سوى إيقاظ البحر من غفوته الطويلة
هي لا تعلم أن الشباك قادمة
وأيضا أن الشباك تكون حلوة حين تتزين بالسمك الحلو
وخاصة خاصة
حين تمر بيدي صياد فقير في هذا الشارع الطويل
الحياة حلوة هكذا
كحديث عابر مع بائع الحلوى تحت مصباح مكسور
عن أفخاد النساء الحلوات
سأتفق معكِ دوما
وأقول الحياة حلوة
تماماً كما تلصق صورة بَطريقٍ حلو على ثلاجة لجثث الموتى
3
أنا لا أخاف الغابة
ولا الأشجار
ولا ..
ولا ...
لكني أخاف جداً
تلك التي تركتْ كل أشجار الغابة
وجلستْ تحت شجرتي
عندها أخافُ من ظلها
فأنا شجرة رسمها طفل على دفتر رسم كبير
ولكن نسي رسم ظلها
4
الصور تملُّ أيضاً
لذا حاولوا تغيير أماكنها دائماً
من جدار إلى جدار
من باب إلى باب
من خزانة إلى خزانة
من ثلاجة إلى ثلاجة
المهم لا تتركوها وحيدة لفترة طويلة
كي لا تعتاد على المسامير
4
أبي لا يطوي ناصية صفحات كتبه
التي لم ينتهِ منها
و يعود إليها بعد حين
أبي لا يحب طي الصفحات
لذا يضع بتلة وردة بينها
ومنذ ذلك الوقت
تنمو في قلوبنا الأزهار كلما مررنا قرب كتاب
9- 7- 2017
لا أحد
ولا شيء يعود كما كان
تقولُ لنفسك وأنتَ تراقب النوارس هنا
تلك التي لم تعتد عليها
لم يكن في قريتك بحر
تستعدُ للقادم وتعرف جيداً أن أيلول شهر البكاء ..
سيأتي الشتاء بدون أمّي
تلك التي كانت تقوم من "السفرة " قبلنا كي يكفينا الطعام
كبحر جائع يطعم كل نوارسه...
والشتاء كئيب بدون سجادتها الحمراء التي تخشى عليها
من كل تلك الأوساخ التي نجلبها من شوارع هذا العالم
وبدون طقم فناجينها التي تخاف عليها مثلنا
الشتاء بارد بدون دفء حساء العدس
وكتب أبي التي يزهر الزيزفون في وسطها
سيأتي الشتاء يا أمي
وسأجلس كنورس تائه على البحر
لم يقف يوماً إلا على الينابيع
ولم يعد فكّه قويّا
ينتظر أن يمر طفل مشاغب يصدمُ نفسه بحوض أسماك الزينة
كي يلتهم كل تلك الأسماك التائهة مثله ،،،،
30-8-2016
ماذا تركتم من خبز الوطن
لحوذي يمرُّ بعربته المثقلة
يشتري منكم الخبز اليابس المعلق على مسمار بخاصرة الشرفة
ويبيعه كي يشتري طعاما لحصانه ...
ماذا تركتم من قمح الوطن
لعصافير تعوّدتْ أن تقف على شرفة عجوز تطعمها كل صباح
عجوز خرجتْ من بيتها تبحث عن الطيور
وعندما وجدتها لم تجد الخبز في يدها....
ماذا تركتم من رائحة خبز الوطن في الصباح
نشرتمْ كل أحذيتكم السوداء على الرصيف
ولم يبقَ مكان كي يبردَ عليه خبز الوطن
ماذا تركتَ من قمح البلاد
وأنتَ هنا تنبذ الحياة
الحياة الحمراء والكبيرة كتفاحة تنهش منها دودة كبيرة
تبدّل كل يوم مصباحاً محروقا من قمرها
تحاولُ توحيد مقامات الكسور
وتزور وطنك وحارتكَ في " غوغل إيرث "
ترجع وبيدكَ صحيفة سوداء
وتعود جائعا كما كنتَ بدون رغيف الوطن
27-4-2016
شمس حارة في حافلة كئيبة
أمشي فيها ولا تمشي هي
تعطس الريح وتبحث عن ثقب في النافذة
عن الغبار الذي تكدس في صدر طفل
النافذة عالية ويدك قصيرة
تبحث عن وجه أبيك الحزين
الذي يبحث عن منديل في جيب بدلته
التي كانت تحمل قوت البيت
وحبّات السكر عند باب المساء
لتعود و تمشي في الحافلة
تبحث عن ظلّك حين كانت الشمس الحلوة تلعب معك
تجعلك تركض وراء ظلك الذي ما عاد إلا وراءك
الشمس الحلوة التي كنتَ تسرقُ نورها
كي تبقى أخضر كالعشب
تتعجب من زهرة عباد الشمس حولك
وهي تلد أطفالا سود للشمس الشقراء
ولا تغضب
تسير في الحافلة وتبحث عن حلم في حافلة لا تسير
تمسحُ علم الوطن من الغبار
ولم يجف الوحل عن ثيابك بعد
تسير حزينا كديوان شاعر في بيت تاجر
كصفّارة في فم شرطي
تبحث عن التذكرة في جيبك لتتفقد رقم المقعد
ولا تجدها
تلطم جبينك
وتتذكر، قد صار عندك محفظة تخبئ فيها أشياءك
تبحث عن ذلك الفرح الذي يعتري الطفل على سيارة بلاستيكية
يضع قطعة نقود ليتحرك هو ولا تتحرك هي
سيأتي العيد قريبا ..يقول زميلك في المقعد
ولكنك لم تنزل وتشترِ الحلوى
ولم تقص أوراق الرزنامة
حينها أفكر بالنزول في الحافلة الممتلئة
كي أعطي مكاني لشخص يريد شراء الحلوى لأولاده
كأي أغنية هابطة تعجب سائق الحافة و تبدد ألم السفر
أبحث عن وجه أمي البشوش
أمي التي تبحث عن اِبتسامتها في محطة الحافلات
تجلس على كرسي خشبي
تقف وتضع نظارتها حين تلمح شابا على ظهره حقيبة
ولأن الصدى ظل الصوت
والظلال تختفي في حافلة تعج بالركاب
يقول لي زميلي بالمقعد :
أحب السفر
والبحث عن امرأة تستمتع بصوري القديمة
وتضحك معي
ثم تنظر إلي وتقول لي ما زلت وسيما يا فتى
فأقول له : وأنا مثلك كنتُ أحب السفر
ولكن ركبتي أصبحت خشنة
وأبدا أبدا لا أحب السفر الطويل..
29-6-2016
لا أحد حولك أيها النهر النحّات
لذا تجد نفسك تتفنن بحفر وجه الصخور
كي تمدَّ يديك وتشرب من هذا العالم العطشان
تبتلع الحصى ولا تترك شيئاً سوى جوارب أغصان الشجر
تلك الاشجار التي داستْ على وجهك الحافي
لا أحد حولك فاعبرْ كل تلك الوديان
كأي رحّالة سافر بدون وجهة
وترك حقيبته في البيت ومضى
هناك خلف الجبل الكسول المستند على مزلاج غيمة
أشعلَ مصباحا في بيوت أصدقائه القدامى
ولم يفتح الباب عليهم تركهم كما يشاؤون
لا أحد حولك أيها النهر الراعي
وأنت تتمايل كالمزمار لقطيع الغيوم
وتبيع الحليب لكل الجوعى الذين يحومون حولك
وعندما يخونك قطيعك مع ذئب الشمس
تبقى هكذا لا تجد أحداً حولك
سوى حصى خشنة تقول لك :
لم يكن أحد هنا
وأنتْ
كنتَ جميلا ماذا فعلتَ بنفسك ؟
لا أحد حولك يا صديقي النهر
وأنا أيضا مثلك لا أختلف عنك
أبتلع الكثير من الحجارة
وعندما أشبع أجمعُ الأغصان الميتة ....
3- 6- 2016
لم يكن يوما خبز أمّك محروقا
لذا لا تنم وأنت حزين
ما زالت الرياح تتنزه وتحمل البذور
كامرأة وسط السوق في شارع الحمراء
تتسوق مع أطفالها وبيدها المكسرات
توزع بذور الفرح
دع الحزن يفلت منك كأي سمكة تعود إلى نهرها
خذ منه غطاء وتدثر منه
واعطه كل سكاكين مطبخك
لا تنم وأنت حزين
كي لا تتجمد كل ينابيعك
و تعطش العصافير
ويتوقف الندى عن تسريح شعيرات
أكواز الذرة في تلك الحقول
كن أنيقا ومرتبا كأولاد المدرّسات
واستقبل النهار الذي يتقدم بسرعة
وكل الأسواق تكتظ بالناس
وتتخلص الشمس من كل البخار الذي يحيط بوجهها
كأي امرأة خرجت لتوها من دكان الزينة
لا تنم وأنت حزين
ما زلت تملك الكثير من النجوم كي تنام تحت سمائها
وتحصيها مرارا
اَطلقْ كل الخيول التي في صدرك
وادخل كوخا تنام فيه
9-10- 2015
أمّي التي كانت لا تنادي أبي باسمه
إلا في الحروب
أنا في عينيها شاعر كبير
تراني أوسم رجل في العالم
مع أن قامتي قصيرة وشعري لم يكن يوما أشقراً
ولكي تراني جيداً تقترب من شاشة التلفاز
وتقول لأبي: ابني شاعر كبير
أمي التي لا تعرف ما القافية ولا قصائد النثر
تصفق لي عند أي كلمة أقولها
حتى وأنا أخطئ في النحو
أمّي الأمّية التي ليس لها سوابق في سماع الشعر
ولا تفهم ما أقصده
تقرأ جيداً كل ما أعيشه من نبرة صوتي
وتعرف أني أطمئنها بضحكتي وبدلتي الرسمية
مثل ورقة «لا حكم عليه» تغفو في جيب مجرم
7-12- 2015
أبي الذي قال لي الفرصة لا تتكرر
و الخبز باردٌ حين ترحل الأمهات
لأبي قلوب عديدة
لا ينفع التراب إذا اقتلعت أزهار القلب
البحّار الذي زرته هذا الصباح
عندما كان البحر كأغنية تبحث عنها منذ زمن
قال لي :
البحر لذة وإغراء و الأسماك الزاهدة لا تعيش
وحدها من تناور الطعم تعيش قلوبها
حكمة البحارة أن تغني وأنت محاصر
في عرفنا حتى لو انتشرت المجاعة لا تشوِ على ظهر القارب
الراعي الصغير الذي مرّ بقطيعه قرب بيتنا في سالف الزمان
قال لي والجرس المعلق على رقبة الخروف الأبيض أمل دروب القرية :
أربي القصص الصغيرة وأجمع الخراف البيضاء لعلها تكبر
و تملأ سهلنا الأخضر
أما أنا كبرتُ يا أبي أصبحت أقرض النظريات
و لم أعد أشرب الحليب
أصنع مكنسة من أوراق الشجر
وأنظف شوارع المدينة حين تنتشر جرذان الطاعون
12- 6- 2013
لأي قمرٍ أكشف عن كل عتمتي
وأقول : أنا أسود جدا
كتلك الشامة على وجهكِ الأبيض
فتبتسم لعتمتي
كحقل من البندورة في قريتنا
يعتني به صاحبه
فلا يغيب عيد الحب عن فساتين حقولهِ
عندها
تغرق كل الأنهار
وترتفع سحابة بيضاء إلى عتمتي
***
لأيّ قمر أكشف عن كل عتمتي
وأقول :
لا جدائل لليل في عتمتي
كي تتدلى منها الفوانيس
و أني لم أعد كالماء أتكلم وأحوم كثيرا
أقفُ كحجر أدمى قدم شخص
فرماه على ضفة النهر
عند جذع شجرة سنديان قرمزي
يتلمظ ثمارها قطيع ماعز أسود
ويعزف على مزماره راعٍ حرامي
***
لأيّ قمر أكشف النقاب عن كل عتمتي
وأنا أخاف من كل سحابة بيضاء تظللها
أن تكشف كل القصص التي تخبئها
أن توقظ كل تلك الغمامات غرقى عتمتي
10-8-2015
علبة مربى فارغة في حاوية المدينة
تراقب التمثال الذي جمع كل العصافير حوله مرة أخرى
بعد أن اصطاد كل عصافير غابتنا
ببندقيته التي لم يقف عليها الغبار يوما
تقولُ لكل تلك الحقول التي أنهكها الجراد
كمتسابق انسحب من منتصف المضمار
لن نصنع من ثمارك مربى
بل سنوزع المشمش على كل أولاد الحي
ونخبرهم : هذا هو المشمش الذي تشاهدونه في التلفاز
قولي لأشجارك لا تخجلي من الشمس
لن يبقى ظلك قصيراً ...
الظلال تكبر بسرعة
علبة مربى فارغة تربي الغبار في حاوية المدينة
يمر بجوارها طفل نحيل كعود شعير
يضمها إلى كيسه الكبير بحجم صخرة ضخمة
يحاول وضع يديه في جيوبه الممزقة
ينتظر كي يمتلأ كيسه بالعلب الفارغة
في هذه المدينة الفارغة إلا من الحاويات
ربّما يشتري علبة مربى من البقّال
الذي يزين دكّانه بطريقة مزوّقة
ويطرد الطفل الذي كلما حدّق في المشمش، يسأله :
ما هذا ؟..
30-12-2015
ولأنه كان يمضغ قطعة سكر كبيرة
لم يكن له محل من الإضراب
ولأنه لم يكن يملك دفتر رسم كبير
ولا علبة تلوين
لم يتعلم الرسم
فقط كان يقف عند سلة المهملات
هكذا في الصف مهملا ومعاقبا
كي يكون لمعلمة الرسم
لوحة جديدة في دفاتر الطلاب...
ولأنه كان معاقبا دائما كان يخاف من الإضراب
ولأنه كان أقصرهم
لم يرَ المشهد كاملا
تسلق على كتفه الكثيرون
ولأنه كان أصغرهم
لم يحظ بجاه ولا ورثة
بل ورث حبَّ أمهِ
وخوفها عليه كلما مشى في الإضراب
وأكل من لحم يده
عندما لا يملك قطع سكر في جيبه
هكذا أصبح
كسمكة على علبة سردين
كثور على علبة مرتديلا
لا يهمه من يأكل لحمه
أو ان يأكل من لحمه
ولأنه ما زال يسير في الإضراب
ولا محل له منه
ويضغط على أسنانه كي لا يصرخ
أصبح يعرف أحجامهم وأشكالهم وطبقات صوتهم
ويعرف كل الأماكن التي يتوقف فيها كي لا يختنق
يضع طاسة نحاسية واحدة
كما كان كل أهل قريته يشربون
من طاسة نحاسية واحدة
وقتها فقط
لم تكن تنتشر الأمراض ولا الأوبئة
ولأنه لا محل له من الإضراب
يخرج قطع سكر كثيرة من جيبه
ويمضغها وسط الإضراب
لا لشيء ولكنه تعب من الصراخ
وسمع مرة في إضراب كبير
أن السكّر يعيد جمال الصوت ...
01.04.2016
كل ما في الشارع مناديل
حتى في السماء تلوّح المناديل
ما في الشارع قناديل
و لم يعد بائع الكستناء كما كان يقشر عتمة الطريق
أصبح يبيع المناديل أمام المطارات والجبّانات
وفي أوقات الفراغ يوزعها أمام حمّامات الغرباء
ينتظر البقشيش كي يشتري عكازا جديدا
لم يبقَ شيء كما كان
لا أنتْ ولا كل ما حولكَ
حتى أنتِ لا تضعين تلك الزهرة التي أحبّها على شعركِ
كان كل شيء جميلا
كتلك الألوان على زجاجة البيبسي
ولكن كيف أصبحتْ تلك الشجرة التي رمت فستانها على وجوهنا
كي لا تنام الشمس بعيداً عن أحاديثنا
مجرد منديل ورقي
يمسح أصواتنا من كل تلك الأراجيح التي علقناها على أغصانها
4-8 – 2015
وكنتُ أفكر بزيارة قريتي
لكنّ هذا العام قد رحل خالي منّان
في قريتي التي مات فيها الكثيرون مثله
خالي الذي كان يقدّ من قميصه المناديل
عندما يتعرى الحزن في ليل القرية
يقول :
ما أجمل الفقراء
الفقراء الحلوين بثيابهم المهلهلة وأحذيتهم الموحلة
تفرّجوا عليهم يا عالم
الفقراء سكّر العالم
خالي الذي كان يزورنا بعد ساعة من الآن
هذا موعده وأنا أحب مواعيده
يمسك بيدي ويقول لي
نحن والحيتان خبزنا الأسماك
والقرية التي أصبحت كبيرة جدا كحوت
أكلت كل أسماكها
خالي ..
ما زالت راحة يده على يدي
وأنا الآن أكتب بيده لا بيدي
خالي منّان الذي يحبني ويحبّ المنّان
يصبح قاسيا كاللوز
إن تأخرنا عليه في مواسم الربيع
يسأل زوجته كل صباح متى يعود الجمعة
كي نجتمع ويزورنا الأولاد
يسألني لماذا ابتعدت الشمس عنّا
وأنهارنا كل يوم تفيض على حبل غسيل ثيابنا
أحدّثه عن صديقي الإفريقي والشمس في بلاده
صديقي الذي يسألني عن الثلج في قريتي كل يوم
فأحكي له عن انتحاره مرارا على حقلنا
وكلما ينتحر نصنع له تمثالا أبيضا
ولكنه أبدا لا يموت مرّتين إلا حين تمرّ عليه شمس غريبة
خالي الذي لا يخبئ حزنه كعيون الأطفال
مات البارحة
والقرية أصبحت تقصر المسافات أكثر نحو الألم
والقهر يُولد في مساء القرى
القهر عقرب انطوائي لا يعيش إلا في السكون،،،
وأنا كل يوم أتجرع لقاحات ضد السموم
مع ذلك
البارحة سممّني عقرب كانت تربيه ساعة في يد خالي منّان ....
19-3-2016
البارحة كان العيد
وبالأمس الأمس كنا سويا
كانت الشمس تسخن قرص قلبينا
ونحن نبتلع ريق الصباح بفنجان قهوة
وبالأغاني المكررة
سألتني حين حل المساء
وأنا أحاول أن أبتلع قلبي من فنجان قهوتي
لماذا تسقط كل النجوم
حين ننظر إليها من قمة جبل ؟
ماذا لو زارنا الحزن في العيد
ونحن لا نملك سكرا كي نسقيه كوب شاي
ولا حلوى في البيت ؟
ماذا لو أضاع الذئب غابته ودخل ساحة المدينة
يلحقه الأولاد وكلاب المدينة
فضمرت أنيابه
هل يقف أمام قطّ بائس
ينبش أكياس القمامة
قمامة المدينة التي لا تنتهي
لماذا لا تتطهر الحيتان بكل هذا الملح
وتترك قتل الأسماك
لماذا هذا القرش يحاول أن ينشر جسد البحر
هناك الكثير من النشارة في قلب هذا البحر
الكثير
لا ينقصه سوى عود ثقاب كي يحترق
ولأني أصبحت كبحر مالح جدا
اشتاق لقوارب الصيادين
و ليس عنده سوى حلزونة مسالمة ينتهك ذاكرتها مرارا
أمدّ ذراعي حولها
وأحاول أن أبتلع قلبي مرة أخرى
من فنجان قهوتي
25-9-2015
وكي لا ترى الموت من بعيد
لا تملأ رئتيك بالهواء كثيرا
ولا تقل للمطر اِعتذر من التراب
حينما دنّس وشاحه بالطين
اغلق نوافذك عندما تطبخ أمك الحساء
كي لا يشتمّ اليتيم
ولا تضحك بفك كبير
كي لا يتحسس العجوز طقم أسنانه
لا تحمل حقائب مدرسية ملونة
ولا دفتر رسم كبير
كي لا تغار يد الطالب الفقير في الشتاء
ولا تترك الرغيف على الرصيف
لا عصافير في فك هذا الوطن
امّا أنا لن أعتذر لكِ عن كل شجاراتنا
كان شِجارا جميلا كشِجار العصافير
طويلا كشجر الحطابين
وأنتْ أعرف جيدا أنكَ رائع جدا
و أنا أغار منك
لكن عندما تكتب منشورا تصف به حبّها لك
اِحذفني من قائمة أصدقائك
كي لا تعتذر للقتيل
24-2-2016
1
اليوم صباحا الجدار حزين
بعد أن سقطت تلك اللوحة التي كان يفتخر بها
تحطّمت على الأرض ..
المسمار اللئيم لا يسقط أبداً
2
أمّي التي كانت تنظف سجادة بيتنا كل يوم
تجرّها إلى السطح وتضربها بعصاها
كي يرحل كل الوسخ الذي جلبناه من هذا العالم
أمّي لم تعد تضع السجّاد
3
اليوم صباحا تناولت غدائي على جريدة
كانت صورة صديقي الميت عليها
كان يقرأ من عيني وكان كما كان
لم يتغير أبدا
كما تركته آخر مرة
4
لو كنتُ أعلم أنكِ سترحلين مبكراً
كنتُ تصورتُ معكِ في كل الأزقة
أمام كل الأسواق والمتاحف وكل ما في المدينة
كسائح يرى المدينة لأول مرة
فيتصوّر أمام كل حجارتها وحمّاماتها
5
ماذا سنقول لكل تلك الأمهات اللواتي مشين حافيات
على ثمار البندورة كي يصنعن الدبس
ويطعمن كل الجنود الذين داسوا بأحذيتهم السّود
على أيدي أبنائهن
ماذا سنقول لهن
وهنّ كل يوم ينتظرن أن تعود تلك الصينيات الفارغة
11-12- 2015
في غرفة واحدة كنّا ننام
وبيننا ينسل الوطن ونغطيه بلحافنا
نحكي له قصصاً كان قد نسيها
و نخاف على أصابعه في الليل
أن يدوس عليها أحدنا وهو يتجه إلى بيت الخلاء
أي خلاء تركته أيها الوطن الواسع
في الصباح، حين لا يستيقظ الوطن معنا
ويبقى يخذلنا بعد سهراته الماجنة
يقول لنا أبي: كن كأي بحر عملاق يستجدي غيمة كبيرة
كي تعيد الحياة إلى قدميه ويمر بدون جناحين فوق رأس المدينة
حتى لو ملأت وسادته فقط رئة الهواء
ويتجعد كل هذا الطين الناشف
اِصنع آلاف الطائرات الورقية كي يؤمن الأطفال في مدينتنا
مازال هناك طائرات مؤدبة
ولكن يا أبي، باب الوطن ليس كما كنت تقول
هممتُ بإدخال المفتاح في ثقب الباب
تساقطت منه الكثير من حمّالات المفاتيح
هكذا سريعاً .. كتتابع صواريخ السكود على صدر المدينة
كانت الغرفة مظلمة جداً .. لا ضوء يتمدد تحت العتبة بعد عتمة متعبة
فقط وجوه وهياكل عظمية تضحك
ولا يبدو منها سوى أسنانها في هذا الممر الطويل المظلم
تفصدّت عرقاً متهتهاً أمام درفة الباب
وخرجت وأنا أضحك بصوت عالٍ جداً
وهنا بدأت نوبة ضحكي
رموني خارج السينما وأنا أشاهد فيلماً حربياً
والجريمة أنني أضحك مراراً
أضحك وأنا أشاهد جثة طفلة رضيعة يخرجونها من بين الأنقاض
كما انهالوا علي بالضرب وأنا أضحك وأتناول غدائي
أشاهد مجزرة عنيفة حدثت في الحي الذي يجاورنا
حين رأيت جارتنا التي لم تكن تعرف المرارة أبداً تسبح بدمائها
وهي تحضن أولادها الموتى ..
ضحكت وأنا أشاهد جمال الموتى الحلوين ..
رموني إلى العتمة .. ولكني مازلت أضحك
كهيكل عظمي لا يبدو منه إلا أسنانه،
كوحش لم يعد يستمتع لا بالشمس ولا بالقمر
بعد أن قطعوا كل أشجار غابته،
هكذا لم يعد يؤلمه شيء
فقط يضحك حتى لو قطعوا كل أشجار العالم
أو مزّقوا جسده بألف طلقة
سيبقى هذا الوحش يضحك ويضحك حتى تمتلأ عيناه بالدموع،
ربّما وقتها فقط، تنظف كل الغبار الواقف أمام غابته
وربما تحيلها وحلاً وربما تدفن الأزهار فيه
ولكن سيظل يضحك في عتمته كوعل لا يعرف الوجل
أمام هذا العالم المجنون الذي لا تهطل فيه الأمطار إلا بعد احتراق الغابة
أمي التي لا ترتق ثيابنا إلا بالخيوط البيضاء
حتى السوداء منها
لا تعرف أردوغان، ولا تكره أحداً فقط تكرهه
تقول عنه شيطان كبير
تتسوق من بازار "عفرين" يوم الأربعاء
وترجع على ظهر جرّار يعج بالفلاحين والفلاحات
وحين تصل إلى البيت نحوم حولها
و تلتمّ نساء القرية
ويبدأن بتكسير و تخليل الزيتون
وهنّ يسردن الحكايات ..
أمي التي لا يصّفر الزيتون في قلبها أبداً
تحبّ سماع "أوسبي شار " بصوت "جميل هورو "
أمّي لا تكره أحدا لكنها تكره أردوغان
تنصحنا: احفظوا أشجار حقلكم
الجراد هذه الأيام يتحد
كالذباب الممتد على شخص استحم لتوّه
ولأن أمي لا تنام إلا عندما تسمع صوت مفتاحي في قفل الباب
سنعود إليها ونقتل كل الجراد الحائم حول حقلنا
حتى لو قطعوا علينا كل المبيدات الحشرية
سنسحقها بعصا جدّي المركونة في زاوية البيت
جدي الذي رحل ذات ليل
يسألني الأصدقاء الغرباء هنا
ما عفرين ؟!..
الدنيا عفرين
و عفرين أمّي
20-2-2016
تغير أبي كثيراً
كل يوم يجلب لنا الحلوى كي نبتسم
ويعدنا أن يزوّجنا بنساء جميلات
بعد أن كان الموضوع عيبا كبيرا في البيت
أبي الذي تغير كثيرا
يحضر لنا كل يوم دمى بأشكال مختلفة
نصفعها
نضربها
فقط عندما ننام نضعها قربنا
أبي الذي لم يعد يضحك
يروي لنا طرائف معادة كي نضحك
ويشتري المجلات القديمة كي نحل الكلمات المتقاطعة
ونبتسم
ويعرف أننا لا نضحك
كي لا يسقط طقم الأسنان الاصطناعية
وكي لا يشعر أن أولاده فقدوا أسنانهم
أبي الذي لم يتجرأ يوما أن يفتح فم أحدنا
ويحصي كم من الأسنان يحمل ..
13-2-2016
ولأنني كنتُ أقصرهم لم أرَ المشهد كاملاً
اعذريني لا أستطيع قص ما حدث
لذا دعي هذا الطويل الذي بجانبي يحدثك عن الفرح الطويل
حين حرق عكّازه ودفّأ بها أولاده
اعذريني إن لم أنم الليلة على سريري ذي الغطاء الأزرق
عندي الكثير من الأحلام للأيام القادمة
كمطمورة طفل ليست فيها سوى قطعة معدنية واحدة
يهزها مرارا هكذا رأسي الآن
لن أزعجك بصوت البندقية التي أطلق منها بدون هدف
لا كي أخدش وجه هذه السماء الزرقاء التي لم تعد تغطينا
ولا كي أصطاد تلك العصافير التي نست ريشها في وسائدنا الحزينة
بل لأني اشتقت للأعراس والعيارات النارية..
ولأنني أقصرهم و لم أر المشهد كاملا
سأربط حذائي جيدا
وأنا غاضب من هذا الازدحام الثقيل وليس من هذا الوطن
فحذائي ثقيل
وركبتي تؤلمني من الوثب العالي
والمشهد لا يشي بأي شيء مشمس
لا شيء سوى الريش على الرصيف
وأنت تحاول الطيران أو تجد شخصا أقصر منك
كي تصعد على رقبته وتصنع من نفسك بطلاً
وتهتف: لا لهذا الجوع الطويل ..
ولأن جميعهم أطول منّي لم أرَ المشهد كاملاً
اكذبي علي وقولي لن تضيع في هذا الازدحام مرة أخرى
ولن تشعر بالاختناق
وكل شيء سيكون كما نحب
اكذبي هكذا كما كانت تفعل أمي
حين كانت تمسح على جبيني
وتقول : غدا سيشتري لك أبوك خفّا رياضيا
ولن يطردك أستاذ الرياضة مرة أخرى من الحصة
لن تقف هكذا منبوذا تراقب الطلاب، وهم يلعبون الكرة
8-1-2016
1
جدّتي التي كانت توزع الحُبّ في البيت
كما كانت توزع الحَبَّ على الدجاج في القن
كانت تقف معنا في طابور الصلاة الطويل
عندما يموت كل شيء
تقول وهي تأخذ الخيوط من كنزاتنا الصوفية القديمة
كي تحشي بها مخدات الضيوف :
لا تدفنوني تحت ظلال الأشجار
أخاف العتمة منذ أن أغلق جدك النوافذ علينا
وفي الليل
حين ظلت سجادة صلاتها على الأرض
وغابت جدتي عن صلاة العشاء
تعرفتُ على الموت لأول مرة
كما أتعرف على ماركة جديدة من العلكة
رسمتُ سجادة صلاة جدتي في كل حصة رسم
على دفتر الرسم الكبير
صفعتني المعلمة مرارا
وأنا ابتسم كالأبله لها
ضربتني كثيرا
حتى أني لم أعد اقرأ الفاتحة
وأخاف عند سماعها
على قبر جدتي الراقد تحت ظل شجرة معتمة
2
تنحني أمام حبال الغسيل التي أمامك
تراقب الخيول التي لم تتحرك من اسطبلها
مع أنك أسرجتها وأطعمتها
تبقى في مكانها ساكنة تراقبكَ
وأنت تركض أمامها
3
تحاول غسل كل ثيابك
وتترك كالعادة قميصك الأزرق
الذي لم تغسله يوماً
قميصك ذو العطر الرهيب
الذي لم تقص بطاقة السعر من عليه بعد
4
تقتل من تشاء
وتحيي من تشاء
على هذه المقبرة كل يوم
و تعود كإله نادم
5
ولأني قبل أن أخرج من قريتي
قطعت الكثير من الشجر
تحولتْ أصابعي إلى عيدان كبريت
تحرق أوراق الدفتر
بالمناسبة، من أي غابة أوراق هذا الدفتر
6
لم أعد أتأنق
ولا أنتعل حذاء رسميا مثلث الرأس
منذ أن قلدتُ ذلك الأنيق ومشيتُ وراءه
فسقطتُ على وجهي الأنيق
7
في الأمس
لم أمسس الفجر الأنيق
الفجر الأنيق كحقيبة طفل في الصف الأول
ولأن الهواء لم يدخل الغرفة
أصبحت ركبتاي خشنتين جدا
ولأن هنا لا إسكافيين كي أرتق حذائي عندهم
ولا وجه أمي وهي تصنع المربى من أزهار الختمية
شعرت بالحزن الشديد
رحت إلى البقال بركبتي الخشنة
اِشتريت علبة مربى ورميت حذائي القديم
23-1-2016
رصيفُ حارتنا ناعم
كنتُ أسقط على وجهي كثيرا ولا تصاب جبهتي
هنا الجروح عميقة
أمّي أنا أجرح نفسي كثيرا
ولكن لا تقلقي
بعد ساعة سيهطل المطر
هكذا قالت مذيعة النشرة الجوية
وأن البحر ذلك البائع الفاشل في بيع زجاجات مياهه
لن يبتلع قواربنا المحملة بالعطش
سيشبع
وذلك النهر الذي لم تعد تغريه سيقان المدينة
سيعود إلى قريته محملا بغرقى خساراته
لن يخطئ أبدا في قراءة الفاتحة على قبر أصدقائه
أمي الأرصفة هنا خشنة جدا
وأنا كلما أجرح نفسي أغني للحياة أحبك
الحياة الخائنة كامرأة
تحبها وتعرف أنها تنام مع غيرك
الحياة الخرساء كدمية على وسادة طفل
هنا الأرصفة خشنة
وأنا كالغبار المنثور الذي تركته وراءها شاحنة
مضتْ بسرعة جدا
أُدنسُ كل البياض الذي حولي
22-11-2015
آه لو كنتُ ابنكِ
الذي تخافين عليه حينما يحبو أن يسقط على وجهه
وعندما تحممينه
تخشين أن يدخل الشامبو عينيه
تنفذين له كل رغباته
وتكذبين عليه مراراً وهو يصدقك
وحينما يحزن
يصبح وغداً وينثر كل ألعابه في الغرفة
وأنتِ تجمعينها مراراً
وتحضنينه كلما صرخ
وعندما يشتد البرد في الغرفة
تغطينه بثوبك الدافئ
على عظامه التي كثيراً ما رماها في المدفأة
تُلبسين جورباً قطنياً لقدميه
كي لا يتوقف على أصابعه البعوض الجائع
ابنكِ الذي يقف الذباب على وجهه
ولا يطرده
ينتظر أن يشتم عطر يديك
وأنت تلوّحين أمام عينيه
وهو كنذل صغير يبتسم حتى عندما يفقد أسنانه الأمامية
آه لو كنتُ ابنكِ
الذي لا تسعده كل عرائس العالم
حين تبتعدين عنه دقائق
5-11-2015
كنتَ بسيطا جداً تغريك مباراة كرة قدم
أو شراء قميص برتقالي جديد تفتن به النساء
قبل أن تصبح شجاعا لا تخاف الظلام
تنام في العتمة
ولا تخشى الموتى
لم يكن هذا هو الليل الذي تبحثُ عنه
كنتَ تغني عند كل كوخ من القصب
عن حكايات السمك الطويلة
حين كان جارنا كجزيرة خاوية في هذا الفضاء
مع ذلك يعيش
يصطاد السمك ويشويها على نار من قشور البلوط
ويطعمها كل قليل
الكثير الكثير من القصب الجاف
كان طعم القصب في حنجرته حادا
لم تكن هذه هي الشمس التي تبحث عنها
فما زالت كل قمصانك على الشرفة مبللة
ولم تسمع صوت خطوات أمّك على الدرج
تهرع قبل المطر
ولم تخرج أسماكك من بحيراتك المتجمدة
ربما تطعم كل القطط الجائعة
ربما تتحرك هذه الساعة
ساعة الحائط التي نفذت بطاريتها
تحت ظل هذه الشمس اللئيمة
كنتَ بسيطا جدا قبل أن تصبح شجاعا
لا تخاف الموتى
وتخاف جدا من البشر
الذين ينسجون الأكفان ويبيعون التوابيت بالنقود
لتنام في العتمة حينها ساعات وساعات
دون أن تفكر بإشعال مصباحكَ المغلق لساعات وساعات
15-11-2015
لكم كل قاعات وميكروفونات المنابر
ولي كل شوارع وجدران المدينة...
لكم كل أشواك وسكاكين المطاعم
ولي سندويشة فلافل أتناولها مع حبة مخلل على الرصيف...
لكم كل بدلات المدينة الأنيقة ولي ثياب مهلهلة ومعطف وحيد
اُلبسه لحبيبتي إن بردت ....
لكم كل دكاكين الزهور ولي وردة أسرقها خلسة من الحدائق ...
لكم كل السيارات
ولي كل باصات المدينة التي أركبها بدون بطاقة
وحين يأتي المفتش أقفز من الباب الخلفي ..
لكم كل غرف الفنادق والحجرات النجومية
ولي تحت ظل شجرة قبلة مسروقة
2
بكت كل طالبات الجامعة في الطريق
ومسحن دموعهن بتنانيرهن القصيرة
حين أصبح سائق حافلتهن " أجير ميكرو "
5-10-2015
جدّتي التي صبغتْ أغنامَها بالحناء
لم أكن أعلمْ يومها أن الخرفان تتبرج
أو ربما كي تغطي فروها الأشيب
وأنا في آخر مقعد بالجرّار
أجلس على بساط من جلد خروف وفير الوبر
اِشترته جدّتي من راعي قريتنا الذي كبر كرشه كثيرا
كي تصلي عليه
راعي قريتنا المسالم كالماء المنساب على الصخر
يتهم ذئاب قريتنا الوديعة مراراً
كلما سها القمر عن إحصاء أغنام قريتنا
8-7-2015
وديعا كضفدع يقفز في مستنقعه
لا يهمه كل الوحل
كنتُ ألعبُ الكرة حين مرَّ الجراد على حقلنا
وكانت كرتي دوليّة منفوخة جدا
اِشتريتها بعد ايرادات محصول عامنا السابق
كان حقلنا أصفر
أصفر جدا
في وسطه شجرة خضراء
حلواً كحقائب البنات الملونة في العيد
حين هجم عليه الجراد
لم أنتبه للحقل يا أبي
كما إني أضعتُ كرتي التي كنت أركض خلفها
والتي كانت منفوخة جدا
في بئر جارنا الخاوي
بئر أسود جدا
يجاور حقلنا الطازج كرغيفٍ خرج لتوّه من التنور
29-6-2015
لو أستطيعُ الآن تحريك عيني
لحرّكتُ على الفور شفتيك
وكنستُ برمشي كل هذا الغبار الذي بيننا
لكني كطفل أضاع قطعة نقوده
اَطبقَ عينيه
وضع رأسه على ساعده
وجلس على الرصيف ،
ضعي يدكِ على كتفي وقولي لي :
" وجدتُ ما أضعتَه "
كي أرفع وجهي وابتسم
كطفل أسود تلمع اِبتسامته وسط كل هذه العتمة
19-6-2015
أحاول جاهداً
ولا أستطيع منحك السعادة
أصطادُ نهراً لكِ
وأنشفه على حبل الغسيل
لكن لا أسماك تطفو في الشارع
أبدو وقتها
كقط بائس أمام بحيرة مهجورة، يراقبُ خياله
أحاول أن أزرع العشب في كل شوارعنا
كي يتعثر الحب
و يتعرق العشب
وتتعثرين أنتِ
وتسقطين في حضني
ولكن العشب متعرق بالندى
وأنتِ تخافين على فستانك الفاتح
أحاول أن أفهمكِ أن السعادة
أن نجلس على الرصيف
و نقشر البرتقال بأصابعنا
ويراقبنا ابن بائع الخضار
وهو يطرد الذباب عن وجهه
ويضحك
ولكنك تحبين السكاكين
ودائما
دائما
تجرحين ندى البرتقال
بوجه عشب صباحاتنا
4-6-2015
من أين أحضر عظاماً لكل كلاب المدينة
وأنا في جسدي 206 عظمة وجمجمة وحيدة
جمجمة خدشوها بمفكّاتهم
وهم يفكّكون إطار تلك الصورة
تلك التي حدثتك عنها طويلا كي تحفظيها
فأنا ذاكرتي أصبحت ضعيفة جدا كالأسماك
حتى إني أمرّ قرب قوارب الصيادين كل يوم
وأنسى دائما رائحة شباكهم
19-6-2015
الصبي الذي اِلتمّ على نفسه كثيرا
وهو يصنع السفن والطائرات الورقية
وضعتْ الريح مهمازها
وركض يوزع الغبار على ذاكرة الأرصفة
بنفس الأقدام التي تعرق العشب من تحتها
في بلد لا تدع أحداً ينام
أصبح أولاد الشمس فيها شظايا رصاص
يصمتُ
كنهر تحوم حول طاولته الأشجار
ولكن في قلبه طحلب كثير
لا مطر
فقط مسامير تجلس بين سمّاره
فيتوقف السّمر
***
حزينا كباص العمال في الصباح
يحدق في البناء العالي والفارغ
فبعضه هنا
وبعضه ما زال مختبئا
يحمل قلبه الذي ثقل كثيرا
كقرص عباد شمس بدأ يكسر ساقه
يمضي
حرا بدون رقيب كالأحلام
يصارح حبيبته بكل شيء
وهي بردانة جدا
يحاول أن يخرج شمسا من صدره لها
ولكن لا يخرج غير
القصب
القصب الحاد
28-5-2015
تخليتُ عن كل أشواكي
كي لا أثقب عجلات سيارتكِ
قال ذلك قنفذ تولّه في منتصف الطريق
لكن
لماذا مضيتِ مسرعة
تركتيني
لتتقاذفني مركبات الغرباء
وأنا بدون سلاحي
19-5-2015
أنا لم أتغير أبدا
ولكن تلك الشجرة التي تميل أغصانها
ينمو ظلها على ظلي
أقول لها :
لا أحب تلك الأنهار التي تبتسم حين أرميها بحجر
ولا تلك التي نمشي عليها بأرجلنا الحافية
فينمو الطين فيها أكثر وأكثر
تثور علي فيختفي ظلي
أبحث عن أسوارٍ شامخة
تلك التي صرختْ في وجه قصوري
ولم اكتشفها إلا حين أشعلتُ عود ثقاب قمري
أعود إليكِ
ولكن
بعد أن قطعوا الشجرة التي في طريقي
كيف أمشي
و أقول لهم أنها كانت ظلّي
17-5-2015
في قلوبكم ها أنا ذا أكبر بسرعة
كرجل يساعد عجوزا بعبور الشارع
كبطل في فيلم
كعتمة نقية
كرصاصة طائشة
قال ذلك النهر الجاري
الذي كان ينقل البضائع على ظهره المتعب
كان وجهه نقيا حين كانت تحدق به الحسناوات
لماذا كل تلك السدود مع أنه لم يُغرق شجرة
ولم يمدّ يده إلى ثمرة
لم يكن ثائرا يوما بسبب الشتاء
ولكن كانت هناك
هناك
شجرة عارية
فخلع حذاءه وركض عاريا إليها
كي لا تسير على جسده جثث الأشجار
كي يبني جسرا إلى كل تلك الأشجار العارية
ويكبر أكثر في قلوبهم
10-5-2015
كعاشقين فقيرين نمضي
لا يملكان بالدنيا سوى كيس بوشار
وحقيبة يد خاوية
ولكن لهما كل الطريق
أضع يدي على كتفها وأقول لها:
قطيع الأمنيات الذي نرسله
لا يعود إلا وآثار الأضاحي على ثيابنا البيضاء
تبكي ..
أقربها من صدري كعاشقين فقيرين
نفذ حتى كيس بوشارهما
لكن ما زال الباعة في الطريق
ما زال لهما
ما زال كل الطريق
30-4-2015
أريد أن أتصور صورة عادية جدا
كفلاح بين حقل من سنابل القمح الخضراء
كقروي يتصور قرب حائط في المدينة
كمراهق يضع نظارة شمسية أمام سيارة فارهة
أريد أن أتصور صورة عادية جدا
أظهرني كما أنا بالأبيض والأسود
ولا تُظهر ظلّي
وأنا أراقب كل ألوان العالم
25-4-2015
لا أبداً لم يجف حبره
لكنه ملّ
لا يذهب إلى الحديقة
ولا إلى السينما
فقط يذهب إلى العمل
ويعود من العمل
ملّ جدا
كأي صحافي يكتب عن جرائم هذا العالم
ولكنه أبدا لا يجد صورته في عناوين الصباح
20-4-2015
كل الخناجر في خصركَ لا تؤلمكَ
إلا حين تقفين عليها يا عصفورتي
عصفورتي التي رويتها من قنينة مائي
التي لم أشرب منها بعد
15- 4- 2015
أخبئ في جيبي كل الحصى التي رميتني بها
كما كانت أمّي تخبئ في حقيبتها القديمة كل المناديل
تلك التي طرّزتها
ولا تخرجها إلا في أعراسنا المؤجلة
تخبئها ولا تخبئ أبدا صوت حزنها
أربي النحل حولي
كي تغني كل الأزهار على ضفافكِ
كي تقف كل عصافيركِ على وتري
وتغادر أسلاك الكهرباء
في أيامنا الجميلة
أيامنا التي هربتْ حافية من حارس الغابة
حين تموتُ أحلام القمر
ونحن قادمون مع ظل الشتاء
كما تموت الكثير من أحلامي
تلك التي دفنتُ الكثير منها في وسادتي
لا أتوقف عن النوم
أزرع الورود على كل تلك المقابر
كي أصنع إكليلاً حول عنق القمر
فقط عندما أقفز إلى القمر
ممدّدا في نهرك
متلذذا بحصاكِ
وبكل ما يجلب لي شعور الغرق
8-4-2015
فقدتَ كل شيء أيها العصفور
حتى تلك الورقة الخضراء
التي انتشلتها من شجرة بريئة
سقطت من منقارك
حين نادتك قطط الطريق
1-4-2015
يراقب كل ما يجري
ويعرف جيدا أن المجرمين لا ينظرون إلى أعلى
زهرة نزعتها الريح تدور
وتدور
تلتقطها يدا طفلة
تضعها على ضفائرها
أرض لا تصلح للخضار ولا للفواكه
تفتح قلبها المبلول للجثث
يراقب النهر حين كان بريئا جدا
قبل أن يفكر أن الأشجار العارية ستحوله لغول كبير
عندما ينمو الفرو على جسده
كي يخفي بياض قلبه
عصفور على عمود إنارة
يراقب إسفنجا اِلتقطه الصيادون من البحر
لم يعد يمتص شيئا
فقط يشتاق للمغاسل
ليغسل ما تبقى من الأوساخ
يراقب جسدا محموما تعب من أرجل البحر
ويتسابق مع قدم باردة
نست عكازها تحت ظل شجرة
في صيف لم يكن فيه صلاة على جنازة البحر
ولا وعول جائعة كي تلاحقها الذئاب
كل ما يفعله يشعل الغابة
كي يبني المزيد من بيوت النمل
عصفور متعب يراقب العشب ابن الزنا
بدون تعب يمتد
وهو لا يغطي حتى صلعة صخرة
عصفور على عمود إنارة
يراقب البرق حين تصرخ الشمس من قطيع الوحوش
الضوء الذي يقترب كثيرا من سلك عمود كهرباء
28-3-2015
حقيبتك الجلدية التي تخبئين فيها
مرآتك وعلبة مكياجكِ
وأشياء أخرى
معطفكِ الفرو الذي يغطيكِ
كلها أصبحت هكذا
حين انسلخت عن الحيوان الذي بداخلها
تعالي دثرّي جلدي العاري
وخبئي أيامي العارية قرب قلم كحلتكِ
فقط عندما تتركين في الغابة
حارسها الذي يسكنكِ
23-3-2015
لم تكن شجرة اللوز وحدها في فناء الدار
كان عليها أرجوحة أيضاً
بعد برد شديد وحفلة الفأس
ركضتُ إلى أبي والدخان يملأ رئتي
حين كنت مدخنا سلبيا
امتلأ الصوت أكثر بالدخان
وبضحكة جدتي
جدّتي التي لا أسنان لها ولا تحب اللوز
قيّدتْ بحبل الأرجوحة أيدي كل الأطفال
عندما تمرّ كل مرة صحون اللوز الحامض
4-3-2015
لا تحطّ عصافيري إلا على أغصانكِ
وأنتِ دائماً تصوبين بندقيتكِ نحوها
لم يبقَ منها إلا عش صغير
يقترب منه طفل مشاغب
ربّما يراقب من شجرتك
كل العصافير الغريبة
وأشياء أخرى
ربما يرميها
أو يصوب عليها بحجره
5-3-2015
ينازل كل خصومه من حلبة إلى أخرى
ويخسر
لا ييأس
يقف عند الضخم
ويواجه العملاق
لا يئن من الضربات ولا يمل
المصارع الجميل رغم ضعفه وقصر قامته
ينازل كل خصومه
ويخسر دائما
إلا أنه يفرح جداً
حين يعلم أنك تلصقين صورته على جدار غرفتكِ
6- 3 – 2015
أنا الذي يخرّب كل صورة
تحتارون بي كي تمسحوني ببرامجكم
أنا ظلّكم الجميل
تخفونه بإضاءة تعمي عيونكم
7- 3- 2015
بعيدا عن كل تلك الوجوه
أصبح وجهك عاريا تماما
لم تعد تسلخ الأفاعي
ولا جلود النمور الدافئة تغريك
كل ما تفعله تدبغ جلدك
وتعلقه على الجدار كأي سجادة
كي تصلي عليه
حين تعود من بين كل تلك الوجوه
8-3-2015
أيتها الحقيبة وأنتِ تخبئين المرآة
لا وجه لي فيها
فقط ظلٌ ظلَّ يقفز
حتى شُنق عليه ألف ضوء
أيتها البلاد الحزينة لا سواعد طيبة تبني جدرانكِ
ولا عيون موحلة تبردين فيها ماء عطشك
لا شيء نتكئ عليه
كل جدرانك ينقصها الحديد
ولا مؤسسة مياه نعتمد عليها لنغتسل بها
لا كلاب تنبح عند أقدام الغريب
فقط تنهش لحمنا
وحين تشبع تخبئ عظامنا في حفرة صغيرة
أيتها البلاد المفتوحة للألم
كدكان ألعاب مهجور
لصوص الأزهار الحلوين جفّت حدائقهم
ولا خياطين يفصلون ثياب العيد
توزعين علينا نويات الزيتون
كي نصنع منها مسابحا
وندعو بها لمن أكل زيتوننا
كنا جدا طيبين
وأنتِ تمدين جسورك الحديدية على أنهارنا الصافية
نبعد عنك كل الحصى
ونغسل أقدامك كلما توحلت في الطين
وحين تتوقف سياراتك من المشي على صدورنا
نحكي عن جدي حين كان يصطاد العصافير
كان الطعام شهيا
ولكن لماذا وأنا أفتش بندقيته
بعد موت كبير ووجبات كبيرة
لم يكن في بندقيته مخزن رصاص
كنّا حلوين
نرسل المكاتيب بالحمام الزاجل
ومنذ أن أصبح الأبيض منتشرا جدا
كمدينة تنشر الثياب البيضاء على شرفاتها
كثوب أبيض اندلقت عليه القهوة
قرأ صيادوكِ رسائلنا
وأرسلوا لنا على أقدام البجع فضائحك
حين نثرت أوراق الريح كل طائراتنا الورقية
أيتها البلاد البريئة كصورة ممثلة على غلاف مجلة فضائح
لم تكوني يوما أمّا تنظفين أظافرنا من الغبار
أو أبا يحتضننا حين تنقطع الكهرباء
رميتُ أناي
عندما كانت كل ينابيعك النرجسية لا تراني
فقط عندما بكيتُ عند أول ينبوع أغرقتني
لا بأس
أيتها البلاد الكبيرة كقبر قديم جدا
ها نحن ذا نبيع أكفاننا كي نرمم ما بقي من حجارتكِ
أمدّ لك يدي حتى لو سرقتِ قلمي
لا لشيء
ولكن منذ زمن لم يعد هناك ما يسرقني
25-2-2015
للأمسيات الكبيرة ومنها هذه الأمسية
أقف كناي صنعه نجار كي يغني
علّقوه على الجدار
ليكمل ما نقَص من الصور
جمع كل الذئاب وسوّر قميصه حولها
كي يفرّ إخوته
أطفأ عرق أبيهم النور
طرق أبواباً كثيرة في هذه الأمسيات الكبيرة
ولم يقرأ ما عليها من عناوين وأرقام
كي لا يصبح التراب منديل المطر
كي لا يتوسخ حذاؤه الطويل
وهو متأنق في طريقه إلى الغابة
في الأمسيات الكبيرة ومنها هذه الأمسية
عندما أكون طفلا افعلي ما تشائين
وليفعل الغاباويون ما يشاؤون
عندها لا أفهم إلا لغة الدمى
لا أفقه إلا ما يؤنسني
أقف كسنجاب أضاع غابته
يرعب نساء الطريق
فيصطاده بائع " يا نصيب "
و يحتال به على من يبحث عن الحظ
كي يلتقط للغاباويين أمسيات كبيرة
20-2-2015
فقط تثقبين حنجرتي كلما غنى أحد عنكِ
كناي مرمي على ضفة النهر
وغاب راعيه
18-2-2015
أمضي إليَّ
أنا عابر سبيل صَدْيان
وعن يديه العصا غائبة
وكل الجبال تقف أمامي
ردَّ لي يدي البيضاء
كي أُعيد مَنْ في قلبي قُتلوا
أو أزرع من أوصالي شجرا
كي أنقذ من الطوفان ما بقي
زرني كما كنتُ نبيّا
أو رُدَّني كما كنتُ ترابا
أمضي بينكم هنا بكل ما فيَّ
وحدها روحي المنفية
خذ عني ينبوعا صدئ من الشفاه
ورُدَ لي غيماً بقي نقياً
رد لي يوما كنت أسقي الورد فينسج الرحيق
وخذ عني كل هذا الحطب
يكفينا ما أوقدناه من حريق
أنا صائد الظلال
مذ كانت الشمس ظلّاً
مذ كانت كل الظلال أطول منّيَ
2-1-2015
علامَ البكاءُ صديقي علامَ
زهورٌ ستنمو قريباً
ولو لمْ يحطّ السحابُ الرّحالْ
وإنْ لا يجيء الصباحُ غداةَ الليالي
هلالُ سيمحو سوادَ الظلالْ
*****
علامَ البكاءُ زميلي علامَ
سيجلو هدوءاً
مخيفاً ثغاءُ الخرافْ
وعشبٌ نديٌّ يفوحُ العبير
يقولُ الحياةَ جمال عفافْ
تراها بحسن القرى
تغنّي
تغنّي بسحر الضفافْ
****
علامَ البكاءُ رفيقي علامَ
صهيلُ الحصانِ يفضُّ الغبارَ
يحيِّ الحياةَ قويّاً قبولا
فيأبى غروباً
ضعيفاً محالْ
قدمنا ضيوفاً قضينا إجازة
فمنّا المنارة
ومنّا الستارة
ويبقى على رمشِ بدرٍ كحيلُ الجمالْ
وقنديلِ زيتٍ سيجلي سوادَ الظلالْ
إذا كنتَ تدري
سيأتي صديقي
سيأتي المنالْ
****
علامَ البكاءُ نديمي علامَ
فهذي الحياةُ غناءٌ
دعونا نغني بدونِ الضبابْ
مواعيدُ حزنٍ ستمضي بنهرِ الدموع
بذورٌ ستنمو جذوراً فأخشابْ
جذورٌ ستعطي فيافٍ رضابْ
و يا أصدقائي سيأتي الشهرْ
بوردٍ و زهر
على ضفة النهرْ
ويأتي
ضياءٌ بديعٌ بصبحٍ وديع
وحتى إذا استطال الدهرْ
لنا في الطريقِ بابٌ وبابْ
****
علامَ البكاءُ شقيقي علامَ
عشيقٌ سيلقى خليله
بنهر الهوى فيصحو الغريقْ
وماءٌ ستقضي على النارِ إنْ استعرتْ
وإن لا
ترابٌ يغطي الحريقْ
خرافٌ عجافٌ ونبذُ الحياة
فليستْ سوى للذئابِ غذاءْ
سماءً كساها وشاحُ الغراب
وغابَ الضياءْ
فطيّرْ إليها سلامِ الحمامْ
سنونٌ ستأتي إذا كنتَ تدري
فهدهدْ إليها أغاني أمّك
واخبزْ قمحكَ وامضِ
فما للجرادِ ختامْ
***
علامَ البكاءُ حفيدي علامَ
أنا راحلٌ فوقَ غيم
وراءَ الجبالْ
تذكّرْ غنائي
متى بانَ في الغيمِ برقٌ
واَكملْ غنائي بطيبِ الكلامْ
تراني على الغصنِ بين البراعم
هلالاً يراقبْ
واَطبقْ جفوناً تراني وميضَ العيونِ
إذا ما وددتَ لقاءً يُطالْ
****
علامَ البكاءُ بنيَّ علامَ
ففي الصيفِ تملى الأراضي ذهبْ
ويغدو حصادٌ سوارَ البقاعْ
زمانٌ سيمضي ببسمٍ ودمعٍ
فكن منها أنت الشجاعْ
وداعا..بنيَّ .. وداعاً..
فما للرَّدى أيّ قبرٍ وما منْ جنازة
سلاما أقولُ
عليكَ السلام
16-7-2008
وأنا طفل
كان أبي ينهرني في مجلسه
كلّما قلتُ إني أستطيع تنظيف النهر
بملاعقي الصغيرة
كما معلمتي في المدرسة
توقفني عند الحائط معاقبا
كلما نظرت من النافذة
وسحبتُ الشمس من ياقتها
وحتى حتى حبيبتي
كلما أردتُ الكلام تسكتني بقبلة
وهكذا هكذا
أصبحت أصابعي سكاكين
2
وهكذا حين يرى الليل أن جدار شرفتي واطئ
يقفز إلي
لأعود حزينا وأبكي منكسراً
كتوت متساقط تحت شجرة
لا تدوسي على قلبي
ولا تفتحي الباب للجيران
لا أحب مناديل الغرباء
اقفزي فوق جدراني
كطالب يقفز من فوق سور مدرسته
ويرمي أولاً حقيبته
ابتسمي في وجهي
واسردي لي عن مغامراتي المجنونة
وغنّي لي تلك الأغاني التي يحبّها أبي
3
ما زال الحديث في مجالس أبي
عن الأرصفة والشوارع
حين تستند على أكتافها الكتب
والحديث به شجون كلما ابتل جفن الليل بالأنداء
ومرّت كؤوس الشاي
ينتهز أبي الفرصة ليمسح نظارته
و ليعلق أحدهم لا شيء مثل النساء في الشتاء
وضيوف أبي من الكبار الذين يعشقون العدم
وحين يطيل الحديث عن الموت يتشهدون
ويشعلون سيجارة عندما يتوقف أبي عن سرد الحكايات
تلك التي عن ظلال الجدران المتهالكة في القرى
حين تنبذ القرية الحياة
ويموت العجائز تحتها تماما كما مات جدّي
يغمس أبي خبزه في الشاي الأسود
وتضيئ عيناه كفانوس قديم
يشير إلى المداخن القديمة
ويقول إنها كفا رجل فقير يتضرع إلى السماء
طالباً الخبز
وعندما يطير القمر في السماء
يصنع أبي مدرجا فوق سطح الدار
عندها يقول أصدقاؤه الحياة مليئة بالألوان
ولكن كثيرا كثيرا ما يغلقون أعينهم باكراً
في مجالس أبي الكثيرة
كثيرا ما تقترب السحابات الكبيرة في النهارات الصافية
من الصخر
ولكن أبداً أبداً لا تلبسه
4
وأنتَ هناك وحيداً وضّبت حقائبك
وهي بعض أبيك
لا تنظر إلى السماء كثيرا
ولا إلى ما يقال عنه مطر
أخاف عليك يا صديقي وأنت في قبرك
أن تنمو الزهور طويلا
وأعرف جيداً أنك تعاني من نوبات الربو
5
لا أحتاج سكّينا كي أقشر لك كل هذا التفاح
أصابعي تكفي
6
كلما أمر قرب الغبار أسعل
والغبار حولنا كثيف
أهداني صديقي فراشة كي اعتاد على الغبار
ومنذ ذلك اليوم وأنا أنفضه عن جناحيها
وأتساءل لماذا لا تطير؟
1-6-2017
1
وأنتِ تخرجين عصافيري من أقفاصك
ينمو على خدّيك التفاح
وأنا أرمي أحجاري وأقول عصافيري
أمرّر أصابعي على كل تلك الثمار
أصابعي التي كثيرا ما تكون سكاكين أليفة
2
أحبُّ لثغتك تلك
وأنتِ تلفظين كلمة حرب كاسم مدينتي
يصعد الحب عندها طفلا ثائراً
على أكتاف المارة في الطريق
3
الجدران في غرفتي ليست أربعة
كثيرة
لو كان الأمر بيدي
حتماً سأجلس في حقل كبير
أعتمر قبعة من القش وألبس معطفا قديماً
كفزاعة وحيدة
لا يحركه سوى الهواء
ولا جدار يتكئ عليه
عندها أضحك.. أضحك طويلاً
على كل الطيور التي تبحث عن جدران قصيرة في هذا الحقل الكبير
2
أنا مرتاح جداً يا صديقي
لا أم لي هنا تقول لي ارمِ كيس القمامة وأنت خارج
و لا زوجة تذكّرني بقائمة مشتريات المنزل
وفي الليل أيضاً أتحرّك على راحتي
فلا أتسلل على أطراف أصابعي بخفة كي لا يستيقظ النائمون
أنا مرتاح جدا يا صديقي
تماماً كعشب يستلقي على مقبرة
3
يقول لي شاعرً مللت
وأقول له أنا مثلك
تقترب منه فتاة وتأخذ معه صورة
كأي صورة أمام قلعة كبيرة
تحوّلت إلى سجن في مدينة كبيرة
4
هكذا عندما يغادر الضيوف بعد مساء فخم
وتنطفئ أضواء الشارع
لا تجلس على الشرفة
اَشعل تلك الأغنية التي أشعلتها بلهفة
قبل أن يشتعل الغبار على سجّاد غرفتك
5
قلبكِ الجميل كمطار داخلي
لا تسألين عن جواز سفري
ولا اُضطر لإخراج محفظتي ولا أخلع به ساعتي
لذا أمرّ به بكل الحديد الذي أحمله
وأيضاً بالسكاكين ...
6
في الحانة الكثير من الزجاج
ونساء حافيات
حنين الزجاج للإنكسارات
لا يصبح الكأس كأساً إلا بنزيفهن
في الحانة تنظر إليك النساء كوحش جريح وفريسة ملائمة
وأنت تنظر إليهن نصاً جديدا وحاداً
كهذا ،،،...
7
أحبّكِ وأتمسكِ بك
كما تتمسّك أصابع الفقير بأجرة الحافلة
8
لا شيء يوحّدنا في هذا العالم سوى الحزن
مثل مبنى مظلم لدار الأيتام في الليل
2-5-2017